تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٨ - الصفحة ٥٢٩
((سورة الإخلاص)) مكية بسم الله الرحمن الرحيم 2 (* (قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفوا أحد) *)) 2 * (قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفوا أحد) *.
الصمد: فعل بمعنى مفعول من صمد إليه إذا قصده، وهو السيد المصمود إليه في الحوائج ويستقل بها، قال:
* ألا بكر الناعي بخير بني أسد * بعمرو بن مسعود بالسيد الصمد * وقال آخر:
* علوته بحسام ثم قلت له * خذها خزيت فأنت السيد الصمد * الكفؤ: النظير.
* (قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له كفوا أحد) *.
هذه السورة مكية في قول عبد الله والحسن وعكرمة وعطاء ومجاهد وقتادة، مدنية في قول ابن عباس ومحمد بن كعب وأبي العالية والضحاك.
ولما تقدم فيما قبلها عداوة أقرب الناس إلى الرسول صلى الله عليه وسلم)، وهو عمه أبو لهب، وما كان يقاسي من عباد الأصنام الذين اتخذوا مع الله آلهة، جاءت هذه السورة مصرحة بالتوحيد، رادة على عباد الأوثان والقائلين بالثنوية وبالتثليث وبغير ذلك من المذاهب المخالفة للتوحيد.
وعن ابن عباس، أن اليهود قالوا: يا محمد صف لنا ربك وانسبه، فنزلت. وعن أبي العالية، قال قادة الأحزاب: انسب لنا ربك، فنزلت. فإن صح هذاالسبب، كان هو ضميرا عائدا على الرب، أي * (قل هو الله) * أي ربي الله، ويكون مبتدأ وخبرا، وأحد خبر ثان. وقال الزمخشري: وأحد يدل من قوله: * (الله) *، أو على هو أحد، انتهى. وإن لم يصح السبب، فهو ضمير الأمر، والشان مبتدأ، والجملة بعده مبتدأ وخبر في موضع خبر هو، وأحد بمعنى واحد، أي فرد من جميع جهات الوحدانية، أي في ذاته وصفاته لا يتجزأ. وهمزة أحد هذا بدل من واو، وإبدال الهمزة مفتوحة من الواو قليل، من ذلك امرأة إناة، يريدون وناة، لأنه من الوني وهو الفتور، كما أن أحدا من الوحدة. وقال ثعلب: بين واحد وأحد فرق، الواحد يدخله العدد والجمع والاثنان، والأحد لا يدخله. يقال: الله أحد، ولا يقال: زيد أحد، لأن الله خصوصية له الأحد، وزيد تكون منه حالات، انتهى. وما ذكر من أن أحدا لا يدخله ما ذكر منقوض بالعدد. وقرأ أبان بن عثمان، وزيد بن علي، ونصر بن عاصم، وابن سيرين، والحسن، وابن أبي إسحاق، وأبو السمال، وأبو عمرو في رواية يونس، ومحبوب،
(٥٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 524 525 526 527 528 529 530 531 532 533 534 ... » »»