تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٨ - الصفحة ٥٢٥
القياس فيه أفعال، كحوض وأحواض، وشذ فيه أفعل، كثوب وأثوب، وهو حال. ويدخلون حال أو مفعول ثان إن كان * (أرأيت) * بمعنى علمت المتعدية لاثنين. وقال الزمخشري: إما على الحال على أن أرأيت بمعنى أبصرت أو عرفت، انتهى. ولا نعلم رأيت جاءت بمعنى عرفت، فنحتاج في ذلك إلى استثبات.
* (فسبح بحمد ربك) *: أي ملتبسا بحمده على هذه النعم التي خولكها، من نصرك على الأعداء وفتحك البلاد وإسلام الناس؛ وأي نعمة أعظم من هذه، إذ كل حسنة يعملها المسلمون فهي في ميزانه.
وعن عائشة: كان صلى الله عليه وسلم) يكثر قبل موته أن يقول: (سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك). قال الزمخشري: والأمر بالاستغفار مع التسبيح تكميل للأمر بما هو قوام أمر الدين من الجمع بين الطاعة والاحتراس من المعصية، وليكون أمره بذلك مع عصمته لطفا لأمته، ولأن الاستغفار من التواضع وهضم النفس، فهو عبادة في نفسه.
وعن النبي صلى الله عليه وسلم): (إني لأستغفر الله في اليوم والليلة مائة مرة)، انتهى. وقد علم هو صلى الله عليه وسلم) من هذه السورة دنو أجله، وحين قرأها عليه الصلاة والسلام استبشر الصحابة وبكى العباس، فقال: (وما يبكيك يا عم؟) قال: نعيت إليك نفسك، فقال: (إنها لكما تقول)، فعاش بعدها سنتين. * (إنه كان توبا) *: فيه ترجئة عظيمة للمستغفرين.
(٥٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 520 521 522 523 524 525 526 527 528 529 530 ... » »»