تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٨ - الصفحة ٥٣٢
((سورة الفلق)) مكية بسم الله الرحمن الرحيم 2 (* (قل أعوذ برب الفلق * من شر ما خلق * ومن شر غاسق إذا وقب * ومن شر النفاثات فى العقد * ومن شر حاسد إذا حسد) *)) 2 الفلق: فعل بمعنى مفعول، وتأتي أقوال أهل التفسير فيه إن شاء الله تعالى. وقب الليل: أظلم؛ والشمس: غابت، والعذاب: حل. قال الشاعر:
* وقب العذاب عليهم فكأنهم * لحقتهم نار السموم فأحصدوا * النفث: شبه النفخ دون تفل بريق، قاله ابن عطية: وقيل: نفخ بريق معه، قاله الزمخشري. وقال صاحب اللوامح: شبه النفخ من الفم في الرقبة ولا ريق معه، فإذا كان بريق فهو التفل. قال الشاعر:
* فإن أبرأ فلم أنفث عليه * وإن يفقد فحق له الفقود * * (قل أعوذ برب الفلق * من شر ما خلق * ومن شر غاسق إذا وقب * ومن شر النفاثات فى العقد * ومن شر حاسد إذا حسد) *.
هذه السورة مكية في قول الحسن وعطاء وعكرمة وجابر. ورواية كريب عن ابن عباس مدنية، في قول ابن عباس في رواية صالح وقتادة وجماعة. قيل: وهو الصحيح. وسبب نزول المعوذتين قصة سحر لبيد بن الأعصم اليهودي رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وهو جف، والجف قشر الطلع فيه مشاطة رأسه عليه الصلاة والسلام وأسنان مشطه، ووتر معقود فيه إحدى عشرة عقدة مغروز بالإبر، فأنزلت عليه المعوذتان، فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة، ووجد صلى الله عليه وسلم) في نفسه خفة حتى انحلت العقدة الأخيرة، فقام فكأنما نشط من عقال. ولما شرح أمر الإلهية في السورة قبلها، شرح ما يستعاذ منه بالله من الشر الذي في العالم ومراتب مخلوقاته. والفلق: الصبح، قاله ابن عباس وجابر بن عبد الله ومجاهد وقتادة وابن جبير والقرطبي وابن زيد، وفي المثل: هو أبين من فلق الصبح ومن فرق الصبح، وقال الشاعر:
* يا ليلة لم أنمها بت مرتقبا * أرعى النجوم إلى أن قدر الفلق *
(٥٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 526 527 528 529 530 531 532 533 534 535 536 » »»