تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٨ - الصفحة ٤٣٧
* تهوى حياتي وأهوى موتها شفقا * والموت أكرم نزال على الحرم * وسق: ضم وجمع، ومنه الوسق: الأصواع المجموعة، وهي ستون صاعا، وطعام موسوق: أي مجموع، وإبل مستوسقة، قال الشاعر:
* أن لنا قلائصا حقائقا * مستوسقات لو يجدن سائقا * اتسق، قال الفراء: اتساق القمر: امتلاؤه واستواؤه ليالي البدر، وهو افتعال من الوسق الذي هو الجمع، يقال: وسقته. فاتسق، ويقال: أمر فلان متسق: أي مجتمع على الصلاح منتظم. طبقا عن طبق: حال بعد حال، والطبق: ما طابق غيره، وأطباق الثرى: ما تطابق منه، ومنه قيل للغطاء الطبق. قال الأعرج بن حابس:
* إني امرؤ قد حلبت الدهر أشطره * وساقني طبق منه إلى طبق * وقال امرؤ القيس:
* ديمة هطلاء فيها وطف * طبق للأرض تجري وتذر * * (إذا السماء انشقت * وأذنت لربها وحقت * وإذا الارض مدت * وألقت ما فيها وتخلت * وأذنت لربها وحقت * وحقت * يأيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه * فأما من أوتى كتابه بيمينه * فسوف يحاسب حسابا يسيرا * وينقلب إلى أهله مسرورا * وأما من أوتى كتابه وراء ظهره * فسوف يدعو ثبورا * ويصلى سعيرا * إنه كان فى أهله مسرورا * إنه ظن أن لن يحور * بلى إن ربه كان به بصيرا * فلا أقسم بالشفق * واليل وما وسق * والقمر إذا اتسق * لتركبن طبقا عن طبق * فما لهم لا يؤمنون * وإذا قرىء عليهم القرءان لا يسجدون * بل الذين كفروا يكذبون * والله أعلم بما يوعون * فبشرهم بعذاب أليم * إلا الذين ءامنوا وعملوا الصالحات لهم أجر غير ممنون) *.
هذه السورة مكية، واتصالها بما قبلها ظاهر. قال ابن عباس: انشقت تنشق: أي تتصدع بالغمام، وقاله الفراء والزجاج. وقيل: تنشق لهول يوم القيامة، كقوله: * (وانشقت السماء فهى يومئذ واهية) *. وقرأ الجمهور: بسكون تاء انشقت وما بعدها وصلا ووقفا. وقرأ عبيد بن عقيل، عن أبي عمرو: بإشمام الكسر وقفا بعدما لم تختلف في الوصل إسكانا. قال صاحب اللوامح: فهذا من التغييرات التي تلحق الروي في القوافي، وفي هذا الإشمام بيان أن هذه التاء من علامة ترتيب الفعل للإناث، وليست مما تنقلب في الأسماء، فصار ذلك فارقا بين الاسم والفعل فيمن وقف على ما في الأسماء بالتاء، وذلك لغة طيىء؛ وقد حمل في المصاحف بعض التاءات على ذلك، انتهى. وقال ابن خالويه: إذا السماء انشقت بكسر التاء، عبيد عن أبي عمرو. وقال ابن عطية، وقرأ أبو عمرو: * (وانشقت) *، يقف على التاء كأنه يشمها شيئا من الجر، وكذلك في أخواتها. قال أبو حاتم: سمعت أعرابيا فصيحا في بلاد قيس يكسر هذه التاءات، وهي لغة. انتهى. وذلك أن الفواصل قد تجري مجرى القوافي. فكما أن هذه التاء تكسر في القوافي، تكسر في الفواصل؛ ومثال كسرها في القوافي قول كثير عزة:
(٤٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 432 433 434 435 436 437 438 439 440 441 442 ... » »»