صرفا ويمزج للأبرار. ومذهب الجمهور: الأبرار هم أصحاب اليمين، وأن المقربين هم السابقون. وقال قوم: الأبرار والمقربون في هذه الآية بمعنى واحد يقع لكل من نعم في الجنة.
وروي أن عليا وجمعا معه من المؤمنين مروا بجمع من كفار قريش، فضحكوا منهم واستخفوا بهم عبثا، فنزلت: * (إن الذين أجرموا) *، قبل أن يصل علي رضي الله تعالى عنه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم)، وكفار مكة هؤلاء قيل هم: أبو جهل، والوليد بن المغيرة، والعاصي بن وائل؛ والمؤمنون: عمار، وصهيب، وخباب، وبلال، وغيرهم من فقراء المؤمنين. والظاهر أن الضمير في * (مروا) * عائد على * (الذين أجرموا) *، إذ في ذلك تناسق الضمائر لواحد. وقيل: للمؤمنين، أي وإذا مر المؤمنون بالكافرين يتغامز الكافرون، أي يشيرون بأعينهم. و * (فكهين) *: أي متلذذين بذكرهم وبالضحك منهم. وقرأ الجمهور: فاكهين بالألف، أي أصحاب فاكهة ومزح وسرور باستخفافهم بأهل الإيمان؛ وأبو رجاء والحسن وعكرمة وأبو جعفر وحفص: بغير ألف، والضمير المرفوع في * (رأوهم) * عائد على المجرمين، أي إذا رأوا المؤمنين نسبوهم إلى الضلال، وهم محقون في نسبتهم إليه.
* (وما أرسلوا) * على الكفار، * (حافظين) *. وفي الإشارة إليهم بأنهم ضالون إثارة للكلام بينهم. وكان في الآية بعض موادعة، أي إن المؤمنين لم يرسلوا حافظين على الكفار، وهذا على القول بأن هذا منسوخ بآية السيف. وقال الزمخشري: وإنهم لم يرسلوا عليهم حافظين، إنكارا لصدهم إياهم عن الشرك، ودعائهم إلى الإسلام، وجدهم في ذلك. ولما تقدم ذكر يوم القيامة قيل: * (فاليوم الذين ءامنوا) *، واليوم منصوب بيضحكون منهم في الآخرة، وينظرون حال من الضمير في يضحكون، أي يضحكون ناظرين إليهم وإلى ما هم فيه من الهوان والعذاب بعد العزة والنعيم. وقال كعب لأهل الجنة: كوى ينظرون منها إلى أهل النار. وقيل: ستر شفاف بينهم يرون منه حالهم. * (هل ثوب) *: أي هل جوزي؟ يقال: ثوبه وأثابه إذا جازاه، ومنه قول الشاعر:
* سأجزيك أو يجزيك عني مثوب * وحسبك أن يثني عليك وتحمد * وهو استفهام بمعنى التقرير للمؤمنين، أي هل جوزوا بها؟ وقيل: * (هل ثوب) * متعلق بينظرون، وينظرون معلق بالجملة في موضع نصب بعد إسقاط حرف الجر الذي هو إلى. وقرأ الجمهور: * (هل ثوب) * بإظهار لام هل؛ والنحويان وحمزة وابن محيصن: بإدغامها في الثاء؛ وفي قوله: * (ما كانوا) * حذف تقديره جزاء أو عقاب: * (ما كانوا يفعلون) *.