تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٨ - الصفحة ٢٥٠
((سورة الممتحنة)) مدنية بسم الله الرحمن الرحيم 2 (* (ياأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أوليآء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جآءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا فى سبيلى وابتغآء مرضاتى تسرون إليهم بالمودة وأنا أعلم بمآ أخفيتم ومآ أعلنتم ومن يفعله منكم فقد ضل سوآء السبيل * إن يثقفوكم يكونوا لكم أعدآء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون * لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة يفصل بينكم والله بما تعملون بصير * قد كانت لكم أسوة حسنة فىإبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءآؤا منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضآء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده إلا قول إبراهيم لابيه لاستغفرن لك ومآ أملك لك من الله من شىء ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير * ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنآ إنك أنت العزيز الحكيم * لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الا خر ومن يتول فإن الله هو الغنى الحميد * عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة والله قدير والله غفور رحيم * لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين * إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم فى الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولائك هم الظالمون * ياأيها الذين ءامنوا إذا جآءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن وءاتوهم مآ أنفقوا ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذآ ءاتيتموهن أجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر واسألوا مآ أنفقتم وليسألوا مآ أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم * وإن فاتكم شىء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل مآ أنفقوا واتقوا الله الذىأنتم به مؤمنون * ياأيها النبى إذا جآءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك فى معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم * ياأيها الذين ءامنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الا خرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور) *)) 2 * (الحكيم ياأيها الذين ءامنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول وإياكم أن تؤمنوا بالله ربكم إن كنتم خرجتم جهادا فى سبيلى وابتغاء) *.
هذه السورة مدنية، ونزلت بسبب حاطب بن أبي بلتعة، كان قد وجه كتابا، مع امرأة إلى أهل مكة يخبرهم بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم) متوجه إليهم لغزوهم؛ فأطلع الله رسوله صلى الله عليه وسلم) على ذلك، ووجه إلى المرأة من أخذ الكتاب منها، والقصة مشهورة في كتب الحديث والسير.
ومناسبة هذه السورة لما قبلها: أنه لما ذكر فيما قبلها حالة المنافقين والكفار، افتتح هذه بالنهي عن موالاة الكفار والتودد إليهم، وأضاف في قوله: * (عدوى) * تغليظا، لجرمهم وإعلاما بحلول عقاب الله بهم. والعدو ينطلق على الواحد وعلى الجمع، وأولياء مفعول ثان لتتخذوا. * (تلقون) *: بيان لموالاتهم، فلا موضع له من
(٢٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 ... » »»