تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٨ - الصفحة ٢٠٦
الياء وكسر الزاي: أي لا يفنى لهم شراب، * (مما يتخيرون) *: يأخذون خيره وأفضله، * (مما يشتهون) *: أي يتمنون.
وقرأ الجمهور: * (وحور عين) * برفعهما؛ وخرج علي على أن يكون معطوفا على * (ولدان) *، أو على الضمير المستكن في * (متكئين) *، أو على مبتدأ محذوف هو وخبره تقديره: لهم هذا كله، * (وحور عين) *، أو على حذف خبر فقط: أي ولهم حور، أو فيهما حور. وقرأ السلمي والحسن وعمرو بن عبيد وأبو جعفر وشيبة والأعمش وطلحة والمفضل وأبان وعصمة والكسائي: بجرهما؛ والنخعي: وحير عين، بقلب الواو ياء وجرهما، والجر عطف على المجرور، أي يطوف عليهم ولدان بكذا وكذا وحور عين. وقيل: هو على معنى: وينعمون بهذا كله وبحور عين. وقال الزمخشري: عطفا على * (جنات النعيم) *، كأنه قال: هم في جنات وفاكهة ولحم وحور. انتهى، وهذا فيه بعد وتفكيك كلام مرتبط بعضه ببعض، وهو فهم أعجمي. وقرأ أبي وعبد الله: وحورا عينا بنصبهما، قالوا: على معنى ويعطون هذا كله وحورا عينا. وقرأ قتادة: وحور عين بالرفع مضافا إلى عين؛ وابن مقسم: بالنصب مضافا إلى عين؛ وعكرمة: وحوراء عيناء على التوحيد اسم جنس، وبفتح الهمزة فيهما؛ فاحتمل أن يكون مجرورا عطفا على المجرور السابق؛ واحتمل أن يكون منصوبا؛ كقراءة أبي وعبد الله وحورا عينا. ووصف اللؤلؤ بالمكنون، لأنه أصفى وأبعد من التغير. وفي الحديث: (صفاؤهن كصفاء الدر الذي لا تمسه الأيدي). وقال تعالى: * (كأنهن بيض مكنون) *، وقال الشاعر، يصف امرأة بالصون وعدم الابتذال، فشبهها بالدرة المكنونة في صدفتها فقال:
* قامت ترأى بين سجفي كلة * كالشمس يوم طلوعها بالأسعد * * أو درة صدفية غواصها * بهج متى يرها يهل ويسجد * * (جزاء بما كانوا يعملون) *: روي أن المنازل والقسم في الجنة على قدر الأعمال، ونفس دخول الجنة برحمة الله تعالى وفضله لا بعمل عامل، وفيه النص الصحيح الصريح: لا يدخل أحد الجنة بعمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله، قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني بفضل منه ورحمة). * (لغوا) *: سقط القول وفحشه، * (ولا تأثيما) *: ما يؤثم أحدا والظاهر أن * (إلا قيلا سلاما سلاما) * استثناء منقطع، لأنه لم يندرج في اللغو ولا التأثيم، ويبعد قول من قال استثناء متصل. وسلاما، قال الزجاج: هو مصدر نصبه * (قيلا) *، أي يقول بعضهم لبعض * (سلاما سلاما) *. وقيل: نصب بفعل محذوف، وهو معمول قيلا، أي قيلا أسلموا سلاما. وقيل: * (سلاما) * بدل من * (قيلا) *. وقيل: نعت لقيلا بالمصدر، كأنه قيل: إلا قيلا سالما من هذه العيوب. * (فى سدر) *: في الجنة شجر على خلقه، له ثمر كقلال هجر طيب الطعم والريح. * (مخضود) *: عار من الشوك. وقال مجاهد: المخضود: الموقر الذي تثني أغصانه كثرة حمله، من خضد الغصن إذا أثناه. وقرأ الجمهور: * (وطلح) * بالحاء؛ وعلي وجعفر بن محمد وعبد الله: بالعين، قرأها على المنبر. وقال علي وابن عباس وعطاء ومجاهد: الطلح: الموز. وقال الحسن: ليس بالموز، ولكنه شجر ظله بارد رطب. وقيل: شجر أم غيلان، وله نوار كثير طيب الرائحة. وقال السدي: شجر يشبه طلح الدنيا، ولكن له ثمر أحلى من العسل. والمنضود: الذي نضد من أسفله إلى أعلاه، فليست له ساق تظهر. * (وظل ممدود) *: لا يتقلص. بل منبسط لا ينسخه شيء. قال مجاهد: هذا الظل من سدرها وطلحها. * (وماء مسكوب) *، قال سفيان وغيره: جار في أخاديد. وقيل: منساب لا يتعب فيه بساقية ولا رشاء.
* (لا مقطوعة) *: أي هي دائمة لا تنقطع في بعض الأوقات، كفاكهة الدنيا، * (ولا ممنوعة) *: أي لا يمنع من تناولها بوجه، ولا يحظر عليها كالتي في الدنيا. وقرئ: وفاكهة كثيرة برفعهما، أي وهناك فاكهة، وفرش: جمع فراش. وقرأ الجمهور: بضم الراء؛ وأبو حيوة: بسكونها مرفوعة، نضدت حتى ارتفعت، أو رفعت على الأسرة. والظاهر أن الفراش هو ما يفترش للجلوس عليه والنوم. وقال أبو عبيدة
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»