مقسم: يطوفون بضم الياء وفتح الطاء وكسر الواو مشددة. وقرئ: يطوفون، أي يتطوفون؛ والجمهور: يطوفون مضارع طاف.
قوله تعالى: * (ولمن خاف مقام ربه جنتان) *، قال ابن الزبير: نزلت في أبي بكر. * (مقام ربه) * مصدر، فاحتمل أن يكون مضافا إلى الفاعل، أي قيام ربه عليه، وهو مروي عن مجاهد، قال: من قوله: * (أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت) *، أي حافظ مهيمن، فالعبد يراقب ذلك، فلا يجسر على المعصية.
وقيل: الإضافة تكون بأدنى ملابسة، فالمعنى أنه يخاف مقامه الذي يقف فيه العباد للحساب، من قوله: * (يوم يقوم الناس لرب العالمين) *، وفي هذه الإضافة تنبيه على صعوبة الموقف. وقيل: مقام مقحم، والمعنى: ولمن خاف ربه، كما تقول: أخاف جانب فلان يعني فلانا. والظاهر أن لكل فرد فرد من الخائفين * (جنتان) *، قيل: إحداهما منزله، والأخرى لأزواجه وخدمه. وقال مقاتل: جنة عدن، وجنة نعيم. وقيل: منزلان ينتقل من أحدهما إلى الآخر لتتوفر دواعي لذته وتظهر ثمار كرامته. وقيل: هما للخائفين؛ والخطاب للثقلين، فجنة للخائف الجني، وجنة للخائف الإنسي. وقال أبو موسى الأشعري: جنة من ذهب للسابقين، وجنة من فضة للتابعين. وقال الزمخشري: ويجوز أن يقال: جنة لفعل الطاعات، وجنة لترك المعاصي، لأن التكليف دائر عليهما. وأن يقال: جنة يبات بها، وأخرى تضم إليها على وجه التفضل لقوله وزيادة؛ وخص الأفنان بالذكر جمع فنن، وهي الغصون التي تتشعب عن فروع الشجر، لأنها التي تورق وتثمر، ومنها تمتد الظلال، ومنها تجنى الثمار. وقيل: الأفنان جمع فن، وهي ألوان النعم وأنواعها، وهي قول ابن عباس، والأول قال قريبا منه مجاهد وعكرمة، وهو أولى، لأن أفعالا في فعل أكثر منه في فعل بسكون العين، وفن يجمع على فنون.
* (فيهما عينان تجريان) *، قال ابن عباس: هما عينان مثل الدنيا أضعافا مضاعفة. وقال: تجريان بالزيادة والكرامة على أهل الجنة. وقال الحسن: تجريان بالماء الزلال، إحداهما التسنيم، والأخرى السلسبيل. وقال ابن عطية: إحداهما من ماء، والأخرى من خمر. وقيل: تجريان في الأعالي والأسافل من جبل من مسك. * (زوجان) *، قال ابن عباس: ما في الدنيا من شجرة حلوة ولا مرة إلا وهي في الجنة، حتى شجر الحنظل، إلا أنه حلوا. انتهى. ومعنى زوجان: رطب ويابس، لا يقصر هذا عن ذاك في الطيب واللذة. وقيل: صنفان، صنف معروف، وصنف غريب. وجاء الفصل بين قوله: * (ذواتا أفنان) * وبين قوله: * (فيهما من كل فاكهة) * بقوله: * (فيهما عينان تجريان) *. والأفنان عليها الفواكه، لأن الداخل إلى البستان لا يقدم إلا للتفرج بلذة ما فيه بالنظر إلى خضرة الشجر وجري الأنهار، ثم بعد يأخذ في اجتناء الثمار للأكل. وانتصب * (متكئين) * على الحال من قوله: * (ولمن خاف) *، وحمل جمعا على معنى من. وقيل: العامل محذوف، أي يتنعمون متكئين. وقال الزمخشري: أي نصب على المدح، والاتكاء من صفات المتنعم الدالة على صحة الجسم وفراغ القلب، والمعنى: * (متكئين) * في منازلهم * (على فرش) *. وقرأ الجمهور: وفرش بضمتين؛ وأبو حيوة: بسكون الراء. وفي الحديث: (قيل لرسول لله صلى الله عليه وسلم) هذه البطائن من إستبرق، كيف الظهائر؟ قال: هي من نور يتلألأ)، ولو صح هذا لم يجز أن يفسر بغيره. وقيل: من سندس. قال الحسن والفراء: البطائن هي الظهائر. وروي عن قتادة، وقال الفراء: قد تكون البطانة الظهارة، والظهارة البطانة، لأن كلا منهما يكون وجها، والعرب تقول: هذا وجه السماء، وهذا بطن السماء.
قوله عز وجل: * (وجنى الجنتين دان * فبأى ءالاء ربكما تكذبان * فيهن قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان * فبأى ءالاء ربكما تكذبان * كأنهن الياقوت والمرجان * فبأى ءالاء ربكما تكذبان * هل جزاء الإحسان إلا الإحسان * فبأى ءالاء ربكما تكذبان * ومن دونهما جنتان * فبأى آلاء * تكذبان * تكذبان * مدهامتان * فبأى ءالاء ربكما تكذبان * فيهما عينان نضاختان * فبأى ءالاء ربكما تكذبان * فيهما فاكهة ونخل ورمان * فبأى ءالاء ربكما تكذبان * فيهن خيرات حسان * فبأى ءالاء ربكما تكذبان * حور مقصورات فى الخيام * فبأى ءالاء ربكما تكذبان * لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان * فبأى ءالاء