تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٨ - الصفحة ١٥٤
وقال آخر:
* قيل قم فانظر إليهم * ثم دع عنك السمودا * وقال أبو عبيدة: السمود: الغناء بلغة حمير، يقولون: يا جارية اسمدي لنا: أي غني لنا.
* (والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحى يوحى * علمه شديد القوى * ذو مرة فاستوى * وهو بالافق الاعلى * ثم دنا فتدلى * فكان قاب قوسين أو أدنى * فأوحى إلى عبده ما أوحى * ما كذب الفؤاد ما رأى * أفتمارونه على ما يرى * ولقد رءاه نزلة أخرى * عند سدرة المنتهى * عندها جنة المأوى * إذ يغشى السدرة ما يغشى * ما زاغ البصر وما طغى * لقد رأى من ءايات ربه الكبرى * أفرءيتم اللات والعزى * ومنواة الثالثة الاخرى * ألكم الذكر وله الانثى * تلك إذا قسمة ضيزى * إن هى إلا أسماء سميتموها أنتم وءاباؤكم ما أنزل * أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الانفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى * أم للإنسان ما تمنى * فلله الاخرة والاولى) *.
هذه السورة مكية. ومناسبتها لآخر ما قبلها ظاهرة، لأنه قال: * (أم يقولون تقوله) *: أي اختلق القرآن، ونسبوه إلى الشعر وقالوا: هو كاهن ومجنون؛ فأقسم تعالى أنه صلى الله عليه وسلم) ما ضل، وأن ما يأتي به هو وحي من الله، وهي أول سورة أعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم) بها في الحرم، والمشركون يستمعون، فيها سجد، وسجد معه المؤمنون والمشركون والجن والإنس غير أبي لهب، فإنه رفع حفنة من تراب إلى جبهته وقال: يكفي هذا. وسبب نزولها قول المشركين: إن محمدا صلى الله عليه وسلم) يختلق القرآن. وأقسم تعالى بالنجم، فقال ابن عباس ومجاهد والفراء والقاضي منذر بن سعيد: هو الجملة من القرآن إذا نزلت، وقد نزل منجما في عشرين سنة. وقال الحسن ومعمر بن المثنى: هو هنا اسم جنس، والمراد النجوم إذا هوت: أي غربت، قال الشاعر:
* فباتت تعد النجم في مستجره * سريع بأيدي الآكلين حمودها * أي: تعد النجوم. وقال الحسن وأبو حمزة الثمالي: النجوم إذا انتثرت في القيامة. وقال ابن عباس أيضا: هو انقض في أثر الشياطين، وهذا تساعده اللغة. وقال الأخفش: والنجم إذا طلع، وهوية: سقوطه على الأرض. وقال ابن جبير الصادق: هو النبي صلى الله عليه وسلم)، وهوية: نزوله ليلة المعراج. وقيل: النجم معين. فقال مجاهد وسفيان: هو الثريا، وهويها: سقوطها مع الفجر، وهو علم عليها بالغلبة، ولا تقول العرب النجم مطلقا إلا للثريا، ومنه قول العرب:
* طلع النجم عشاء * فابتغى الراعي كساء * * طلع النجم غديه * فابتغي الراعي كسيه * وقيل: الشعرى، وإليها الإشارة بقوله: * (وأنه هو رب الشعرى) *، والكهان والمنجمون يتكلمون على المغيبات عند طلوعها. وقيل: الزهرة، وكانت تعبد. وقيل: * (والنجم) *: هم الصحابة. وقيل: العلماء مفرد أريد به الجمع، وهو في
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»