أن لا تفارقه إلى أن تدفن به، ثم تدفن في مكان لم يحظر لها ببال قط. وأسند العلم إلى الله، والدراية للنفس، لما في الدراية من معنى الختل والحيلة؛ ولذا وصف الله بالعالم، ولا يوصف بالداري. وأما قوله:
لاهم لا أدري وأنت الداري فقول عربي جلف جاهلي، جاهل بما يطلق على الله من الصفات، وما يجوز منها وما يمتنع. وقرأ الجمهور: * (بأى أرض) *. وقرأ موسى الأسواري، وابن أبي عبلة: بأية أرض، بتاء التأنيث لإضافتها إلى الموت، وهي لغة قليلة فيهما. كما أن كلا إذا أضيفت إلى مؤنث قد تؤنث، تقول: كلهن فعلن ذلك، وتدري معلقة في الموضعين. فالجملة من قوله: * (ماذا تكسب) * في موضع مفعول * (تدرى) *، ويجوز أن يكون ماذا كلها موصولا منصوبا بتدري، كأنه قال: وما تدري نفس الشيء التي تكسب غدا. وبأي متعلق بتموت، والباء ظرفية، أي: في أي أرض؟ فالجملة في موضع نصب بتدري. ووقع الإخبار بأن الله استأثر بعلمه هذه الخمس، لأنها جواب لسائل سأل، وهو يستأثر بعلم أشياء لا يحصيها إلا هو، وهذه الخمس.