تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٦ - الصفحة ٩٣
* أو لاطم ليس له أسوار * لما رآني ملك جبار * ببابه ما وضح النهار السندس رقيق الديباج، والإستبرق ما غلظ منه، والإستبرق رومي عرب وأصله استبره أبدلوا الهاء قافا قاله ابن قتيبة. وقيل: مسمى بالفعل وهو إستبرق من البريق فقطعت بهمزة وصله. وقيل: الإستبرق اسم الحرير. وقال المرقش:
* تراهن يلبسن المشاعر مرة * وإستبرق الديباج طور إلباسها * وقال ابن بحر: الإستبراق المنسوج بالذهب. الأريكة السرير في حجلة، فإن كان وحده فلا يسمى أريكة. وقال الزجاج: الأرائك الفرش في الحجال.
* (الحمد لله الذى أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا * قيما لينذر بأسا شديدا من لدنه ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا * ماكثين فيه أبدا * وينذر الذين قالوا * اتخذ الله ولدا * ما لهم به من علم ولا لائبائهم كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا * فلعلك باخع نفسك علىءاثارهم إن لم يؤمنوا بهاذا الحديث أسفا * إنا جعلنا ما على الارض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا * وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا) *.
هي مكية كلها إلا في قوله. وعن ابن عباس وقتادة إلا قوله * (واصبر نفسك) * الآية فمدنية. وقال مقاتل: إلا من أولها إلى * (جرزا) * ومن قوله * (إن الذين ءامنوا وعملوا الصالحات) * الآيتين فمدني. وسبب نزولها أن قريشا بعثت النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار اليهود بالمدينة، فقالوا لهما: سلاهم عن محمد وصفالهم صفته فإنهم أهل الكتاب الأول، وعندهم ما ليس عندنا من علم الأنبياء، فخرجا حتى أتيا المدينة فسألاهم فقالت: سلوه فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل، وإن لم يفعل فالرجل متقول، فروا فيه رأيكم سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان من أمرهم، فإنه كان لهم حديث عجيب، وسلوه عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان بناؤه، وسلوه عن الروح فأقبل النضر وعقبة إلى مكة فسألوه فقال: (غدا أخبركم) ولم يقل إن شاء الله، فاستمسك الوحي خمسة عشر يوما فأرجف كفار قريش، وقالوا: إن محمدا قد تركه رئيه الذي كان يأتيه من الجن. وقال بعضهم: قد عجز عن أكاذيبه فشق ذلك عليه، فلما انقضى الأمد جاءه الوحي بجواب الأسئلة وغيرها.
وروي في هذا السبب أن اليهود قالت: إن أجابكم عن الثلاثة فليس بني، وإن أجاب عن اثنتين وأمسك عن الأخرى فهو نبي. فأنزل الله سورة أهل الكهف وأنزل بعد ذلك * (ويسئلونك عن الروح) *. ومناسبة أول هذه السورة لآخر ما قبلها أن لما قال * (وبالحق أنزلناه وبالحق نزل) * وذكر المؤمنين به أهل العلم وأنه يزيدهم خشوعا، وأنه تعالى أمر بالحمد له وأنه لم يتخذ ولدا، أمره تعالى بحمده على إنزال هذا الكتاب السالم من العوج القيم على كل الكتب المنذر من اتخذ ولدا، المبشر المؤمنين بالإجر الحسن. ثم استطرد إلى حديث كفار قريش والتفت من الخطاب في قوله * (وكبره تكبيرا) * إلى الغيبة في قوله * (على عبده) * لما في * (عبده) * من الإضافة المقتضية تشريفه، ولم يجيء التركيب أنزل عليك.
* (والكتاب) * القرآن، والعوج في المعاني كالعوج في الأشخاص ونكر
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»