سورة الأنعام. وقرئ * (يلق) * بضم الياء وفتح اللام والقاف مشددة وابن مسعود وأبو رجاء يلقى بألف، كان نوى حذف الضمة المقدرة على الألف فأقر الألف. والآثام في اللغة العقاب وهو جزاء الإثم. قال الشاعر:
* جزى الله ابن عروة حيث أمسى * عقوق والعقوق له آثام أي حد وعقوبة وبه فسره قتادة وابن زيد. وقال عبد الله بن عمرو ومجاهد وعكرمة وابن جبير: آثام واد في جهنم هذا اسمه جعله الله عقابا للكفرة. وقال أبو مسلم: الآثام الإثم، ومعناه * (يلق) * جزاء آثام، فأطلق اسم الشيء على جزائه. وقال الحسن: الآثام اسم من أسماء جهنم. وقيل: بئر فيها. وقيل: جبل. وقرأ ابن مسعود: يلق أياما جمع يوم يعني شدائد. يقال: يوم ذو أيام لليوم العصيب. وذلك في قوله * (ومن يفعل ذالك) * يظهر أنه إشارة إلى المجموع من دعاء إله وقتل النفس بغير حق والزنا، فيكون التضعيف مرتبا على مجموع هذه المعاصي، ولا يلزم ذلك التضعيف على كل واحد منها. ولا شك أن عذاب الكفار يتفاوت بحسب جرائمهم.
* وقرأ نافع وابن عامر وحمزة والكسائي * (يضاعف له العذاب) * مبنيا للمفعول وبألف * (ويخلد) * مبنيا للفاعل. والحسن وأبو جعفر وابن كثير كذلك إلا أنهم شددوا العين وطرحوا الألف. وقرأ أبو جعفر أيضا وشيبة وطلحة بن سليمان نضعف بالنون مضمومة وكسر العين مشددة * (العذاب) * نصب. وطلحة بن مصرف * (يضاعف) * بالياء مبنيا للفاعل * (العذاب) * نصب. وقرأ طلحة بن سليمان وتخلد بتاء الخطاب على الالتفات مرفوعا أي وتخلد أيها الكافر. وقرأ أبو حيوة * ( ويخلد) * مبنيا للمفعول مشدد اللام مجزوما. ورويت عن أبي عمرو وعنه كذلك مخففا. وقرأ أبو بكر عن عاصم * (يضاعف) * * (ويخلد) * بالرفع عنهما وكذا ابن عامر والمفضل عن عاصم * (يضاعف) * * (ويخلد) * مبنيا للمفعول مرفوعا مخففا. والأعمش بضم الياء مبنيا للمفعول مرفوعا مخففا. والأعمش بضم الياء مبنيا للمفعول مشددا مرفوعا فالرفع على الاستئناف أو الحال والجزم على البدل من * (يلق) *. كما قال الشاعر:
* متى تأتنا تلمم بنافي ديارنا * تجد حطبا جزلا ونارا تأججا * والضمير في * (فيه) * عائد على العذاب، والظاهر أن توبة المسلم القاتل النفس بغير حق مقبولة خلافا لابن عباس، وتقدم ذلك في النساء وتبديل سيئاتهم حسنات هو جعل أعمالهم بدل معاصيهم الأول طاعة ويكون ذلك سبب رحمة الله إياهم قاله ابن عباس. وابن جبير والحسن ومجاهد وقتادة وابن زيد وردوا على من قال هو في يوم القيامة. وقال الزجاج: السيئة بعينها لا تصير حسنة، ولكن السيئة تمحى بالتوبة وتكتب الحسنة مع التوبة، والكافر يحبط عملة وتثبت عليه السيئات. وتأول ابن مسيب ومكحول أن ذلك يوم القيامة وهو بمعنى كرم العفو. وفي كتاب مسلم إن الله يبدل يوم القيامة لمن يريد المغفرة له من الموحدين بدل سيئات حسنات. وقالا تمحى السيئة ويثبت بدلها حسنة. وقال القفال والقاضي: يبدل العقاب بالثواب فذكرهما وأراد ما يستحق بهما.
* (إلا من تاب) * استثناء متصل من الجنس، ولا يظهر لأن المستثنى منه محكوم عليه بأنه * (يضاعف له العذاب) * فيصير التقدير * (إلا من تاب وءامن وعمل عملا صالحا) * فلا يضاعف له العذاب. ولا يلزم من انتفاء التضعيف انتفاء العذاب غير المضعف فالأولى عندي أن يكون استثناء منقطعا أي لكن من تاب وآمن عمل صالحا * (فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات) * وإذا كان كذلك فلا يلقى عذابا البتة و * (سيئاتهم) * هو المفعول الثاني، وهو أصله أن يكون مقيدا بحرف الجر أي بسيئاتهم. و * (حسنات) * هو المفعول الأول وهو المصرح كما قال تعالى * (وبدلناهم بجناتهم جنتين) *. وقال الشاعر: