* ومشرب شربه رسيل * لا آجن الماء ولا وبيل * مشرب مكان الشرب عاد عليه الضمير، وكان أصله أشرب فيه فاتسع فيه فتعدى الفعل إلى ضميره ومن الاتساع سير بزيد فرسخان. وقرئ * (فلا ينازعنك) * بالنون الخفيفة أي أثبت على دينك ثباتا لا يطمعون أن يجذبوك، ومثله * (ولا يصدنك عن ءايات الله) * وهذا النهي لهم عن المنازعة من باب لا أرينك ههنا، والمعنى فلا بد لهم بمنازعتك فينازعوك. وقرأ أبو مجلز * (فلا ينازعنك) * من النزع بمعنى فلا يقلعنك فيحملونك من دينك إلى أديانهم من نزعته من كذا و * (الامر) * هنا الدين، وما جئت به وعلى ما روي في سبب النزول يكون * (فى الامر) * بمعنى في الذبح * (لعلى * هدى) * أي إرشاد. وجاء * (ولكل أمة) * بالواو وهنا * (لكل أمة) * لأن تلك وقعت مع ما يدانيها ويناسبها من الآي الورادة في أمر النسائك فعطفت على أخواتها، وأما هذه فواقعة مع أباعد عن معناها فلم تجد معطفا قاله الزمخشري.
* (وإن جادلوك) * آية موادعة نسختها آية السيف أي وإن أبوا للجاجهم إلا المجادلة بعد اجتهادك أن لا يكون بينك وبينهم تنازع فادفعهم بأن الله أعلم بأعمالكم وبقبحها وبما تستحقون عليها من الجزاء، وهذا وعيد وإنذار ولكن برفق ولين * (الله يحكم بينكم) * خطاب من الله للمؤمنين والكافرين أي يفصل بينكم بالثواب والعقاب، ومسلاة لرسول الله صلى الله عليه وسلم) بما كان يلقى منهم.
* (ألم تعلم أن الله يعلم ما فى السماء والارض إن ذالك فى كتاب إن ذالك على الله يسير ويعبدون) *.
لما تقدم ذكر الفصل بين الكفار والمؤمنين يوم القيامة أعقب تعالى أنه عالم بجميع * (ما فى السماء والارض) * فلا تخفى عليه أعمالكم و * (إن ذالك فى كتاب) * قيل: هو أم الكتاب الذي كتبه الله قبل خلق السماوات والأرض، كتب فيه ما هو كائن إلى يوم القيامة. وقيل: الكتاب اللوح المحفوظ. والإشارة بقوله * (إن ذالك على الله يسير) * قيل: إلى الحكم السابق، والظاهر أنه إشارة إلى حصر المخلوقات تحت علمه وإحاطته. وقال الزمخشري: ومعلوم عند العلماء بالله أنه يعلم كل ما يحدث في السماوات والأرض وقد كتبه في اللوح قبل حدوثه، والإحاط بذلك وإثباته وحفظه عليه يسير لأن العالم الذات لا يتعذر عليه ولا يمتنع تعلق بمعلوم انتهى. وفي قوله لأن العالم الذات فيه دسيسة الاعتزال لأن من مذهبهم نفي الصفات فهو عالم لذاته لا يعلم عندهم.
* (ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا) * أي حجة وبرهانا سماويا من جهة الوحي والسمع * (وما ليس لهم به علم) * أي دليل عقلي ضروري أو غيره. * (وما للظالمين) * أي المجاوزين الحد في عبادة ما لا يمكن عبادته * (من نصير) * ينصرهم فيما ذهبوا إليه أو إذا حل بهم العذاب.
* (وإذا تتلى عليهم ءاياتنا) * أي يتلوه الرسول أو غيره * (ءاياتنا) * الواضحة في رفض آلهتهم ودعائهم إلى توحيد الله وعبادته * (تعرف فى وجوه الذين كفروا) * أي الذين ستروا الحق وغطوه وهو واضح بين والمنكر مصدر بمعنى الإنكار. ونبه على موجب المنكر وهو الكفر وناب الظاهر مناب المضمر كأنه قيل: تعرف في وجوههم لكنه نبه على العلة الموجبة لظهور المنكر في وجوههم، والمنكر المساءة والتجهم والبسور والبطش الدال ذلك كله على سوء المعتقد وخبث السريرة، لأن الوجه يظهر فيه الترح والفرح اللذان محلهما القلب.
* (يكادون يسطون) * أي هم دهرهم بهذه الصفة فهم يقاربون ذلك طول زمانهم، وإن كان قد وقع منهم سطو ببعض الصحابة في شاذ من الأوقات. قال ابن عباس: * (يسطون) * يبسطون إليهم. وقال محمد بن كعب: يقعون بهم. وقال الضحاك: يأخذونهم أخذا باليد والمعنى واحد. وقرأ عيسى بن عمر يعرف مبنيا للمفعول المنكر ووقع * (قل) * هل أنبئكم * (بشر من ذالكم) * وعيد وتقريع والإشارة إلى غيظهم على التالين وسطوهم عليهم، أو إلى ما أصابهم من الكراهة والبسور بسبب ما تلي