فسحة هي مزدرع لجميع الحبوب والماء المعين، يسقي جيمع ذلك من النهر.
وقال الزمخشري: * (جنتين من أعناب) * بساتين من كروم، * (وحففناهما) * * (بنخل وجعلنا) * النخل محيطا بالجنتين، وهذا مما يؤثره الدهاقين في كرومهم أن يجعلوها مؤزرة بالأشجار المثمرة انتهى. وقرأ الجمهور * (كلتا الجنتين) * وفي مصحف عبد الله كلا الجنتين، أتى بصيغة التذكير لأن تأنيث الجنتين مجازي، ثم قرأ * (اتت) * فأنث لأنه ضمير مؤنث، فصار نظير قولهم طلع الشمس وأشرقت. وقال الفراء في قراءة ابن مسعود: كل الجنتين آتى أكله انتهى فأعاد الضمير على كل. وقال الزمخشري: جعلها أرضا جامعة للأقوات والفواكه، ووصف العمارة بأنها متواصلة متشابكة لم يتوسطها ما يقطعها ويفصل بينهما مع الشكل الحسن والترتيب الأنيق، ونعتهما بوفاء الثمار وتمام الأكل من غير نقص ثم بما هو أصل الخير ومادته من أمر الشرب، فجعله أفضل ما يسقي به وهو السيح بالنهر الجاري فيها والأكل الثمر.
وقرأ الجمهور * (وفجرنا) * بتشديد الجيم. وقال الفراء: إنما شدد * (وفجرنا) * وهو نهر واحد لأن النهر يمتد فكان التفجر فيه كله أعلم الله تعالى أن شربهما كان من نهر واحد وهو أغزر الشرب. وقرأ الأعمش وسلام ويعقوب وعيسى بن عمر بتخفيف الجيم وكذا قرأ الأعمش في سورة القمر، والتشديد في سورة القمر أظهر لقوله * (عيونا) * وقوله هنا * (نهرا) * وانتصب * (خلالهما) * على الظرف أي وسطهما، كان النهر يجري من داخل الجنتين. وقرأ الجمهور * (نهرا) * بفتح الهاء. وقرأ أبو السمال والفياض بن غزوان وطلحة بن سليمان بسكون الهاء. وقرأ ابن عباس ومجاهد وابن عامر وحمزة والكسائي وابن كثير ونافع وجماعة قراء المدينة: * (ثمر) * وبثمره بضم الثاء والميم جمع ثمار. وقرأ الأعمش وأبو رجاء وأبو عمرو بإسكان الميم فيهما تخفيفا أو جمع ثمرة كبدنة وبدن. وقرأ أبو جعفر والحسن وجابر بن زيد والحجاج وعاصم وأبو حاتم ويعقوب عن رويس عنه بفتح الثاء والميم فيهما. وقرأ رويس عن يعقوب * (ثمر) * بضمهما وبثمره بفتحهما فيمن قرأ بالضم. قال ابن عباس وقتادة الثمر جميع المال من الذهب والحيوان وغير ذلك. وقال النابغة:
* مهلا فداء لك الأقوام كلهم * وما أثمروا من مال ومن ولد وقال مجاهد: يراد بها الذهب والفضة خاصة. وقال ابن زيد: هي الأصول فيها الثمر. وقال أبو عمرو ابن العلاء: الثمر المال، فعلى هذا المعنى أنه كانت له إلى الجنتين أموال كثيرة من الذهب والفضة وغيرهما، فكان متمكنا من عمارة الجنتين. وأما من قرأ بالفتح فلا إشكال أنه يعني به حمل الشجر. وقرأ أبو رجاء في رواية * (ثمر) * بفتح الثاء وسكون الميم، وفي مصحف أبي وآتيناه ثمرا كثيرا، وينبغي أن يجعل تفسيرا.
* ويظهر من قوله * (فقال لصاحبه) * أنه ليس أخاه، * (وهو يحاوره) * جملة حالية، والظاهر أن ذا الحال هو القائل أي يراجعه الكلام في إنكاره البعث، وفي إشراكه بالله. وقيل: هي حال من صاحبه أي المسلم كان يحاوره بالوعظ والدعاء إلى الله وإلى الإيمان بالبعث، والظاهر كون أفعل للتفضيل وأن صاحبه كان له مال ونفر ولم يكن سبروتا كما ذكر أهل التاريخ، وأنه جاء يستعطيه ويدل على ذلك كونه