((سورة إبراهيم)) 2 (* (الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد * الله الذى له ما فى السماوات وما فى الا رض وويل للكافرين من عذاب شديد * الذين يستحبون الحيواة الدنيا على الا خرة ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا أولائك فى ضلال بعيد * ومآ أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشآء ويهدى من يشآء وهو العزيز الحكيم * ولقد أرسلنا موسى بأاياتنآ أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيام الله إن فى ذالك لآيات لكل صبار شكور * وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من ءال فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبنآءكم ويستحيون نسآءكم وفى ذالكم بلاء من ربكم عظيم * وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابى لشديد * وقال موسىإن تكفروا أنتم ومن فى الا رض جميعا فإن الله لغنى حميد * ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جآءتهم رسلهم بالبينات فردوا أيديهم فىأفواههم وقالوا إنا كفرنا بمآ أرسلتم به وإنا لفى شك مما تدعوننآ إليه مريب * قالت رسلهم أفى الله شك فاطر السماوات والا رض يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلىأجل مسمى قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد ءابآؤنا فأتونا بسلطان مبين) *)) 2 * (الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد * الله الذى له ما فى * السماوات وما في الارض * وويل للكافرين من عذاب شديد * الذين يستحبون الحيواة الدنيا على الاخرة ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا أولئك فى ضلال بعيد) *: هذه السورة مكية كلها في قول الجمهور، وعن ابن عباس وقتادة، هي مكية إلا من قوله: * (ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت الله كفرا) * إلى قوله * (إلى النار) * وارتباط أول هذه السورة بالسورة قبلها واضح جدا، لأنه ذكر فيها: * (ولو أن * قرنا) * ثم * (وكذالك أنزلناه حكما عربيا) * ثم * (ومن عنده علم الكتاب) * فناسب هذا قوله الر كتاب أنزلناه إليك. وأيضا فإنهم لما قالوا على سبيل الاقتراح * (لولا أنزل عليه ءاية من ربه) * وقيل له: * (قل إن الله يضل من يشاء ويهدى إليه من أناب) * أنزل الر كتاب أنزلناه إليك كأنه قيل: أو لم يكفهم من الآيات كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات هي الضلال، إلى النور وهو الهدى.
وجوزوا في إعراب الر أن يكون في موضع رفع بالابتداء، وكتاب الخبر، أو في موضع رفع على خبر مبتدأ محذوف تقديره: هذه الر، وفي موضع نصب على تقدير: الزم أو اقرأ الر. وكتاب أنزلناه إليك جملة مفسرة في هذين الإعرابين، وكتاب مبتدأ. وسوغ الابتداء به كونه موصوفا في التقدير أي: كتاب أي: عظيم أنزلناه إليك. وجوزوا أن يكون كتاب خبر مبتدأ محذوف تقديره: هذا كتاب، وأنزلناه جملة في موضع الصفة. وفي قوله: أنزلناه. وإسناد الإنزال إلى نون العظمة ومخاطبته تعالى بقوله إليك، وإسناد الإخراج إليه عليه الصلاة والسلام، تنويه عظيم وتشريف له صلى الله عليه وسلم) من حيث المشاركة في تحصيل الهداية بإنزاله تعالى، وبإخراجه عليه الصلاة والسلام، إذ هو الداعي والمنذر، وإن كان في الحقيقة مخترع الهداية هو الله تعالى. والناس عام، إذ هو مبعوث إلى الخلق كلهم، والظلمات والنور مستعاران للكفر والإيمان. ولما ذكر علة إنزال الكتاب وهي قوله: لتخرج قال: بإذن ربهم، أي: ذلك الإخراج بتسهيل مالكهم الناظر في مصالحهم، إذ هم عبيده، فناسب ذكر الرب هنا تنبيها على منة المالك، وكونه ناظرا في حال عبيدة، وبإذن ظاهره التعلق بقوله: لتخرج. وجوز أبو البقاء أن يكون بإذن ربهم في موضع الحال قال: أي مأذونا لك. وقال الزمخشري: بإذن ربهم بتسهيله وتيسيره، مستعار من الإذن الذي هو تسهيل الحجاب، وذلك ما يمنحهم من اللطف والتوفيق انتهى. وفيه دسيسة الاعتزال.