تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٥ - الصفحة ٢٢٥
البلع: معروف، والفعل منه بلع بكسر اللام وبفتحها لغتان حكاهما الكسائي والفراء، يبلع بلعا، والبالوعة الموضع الذي يشرب الماء. الإقلاع: الإمساك، يقال: أقلع المطر، وأقلعت الحمى، أي أمسكت عن المحموم. وقيل: أقلع عن الشيء 0 تركه، وهو قريب من الإمساك. غاض الماء نقص في نفسه، وغضته نقصته، جاء لازما ومتعديا. الجودي: علم لجبل بالموصل، ومن قال بالجزيرة أو بآمد، فلأنهما قريبان من الموصل. وقيل الجودي: اسم لكل جبل، ومنه قول زيد بن عمرو بن نفيل:
* سبحانه ثم سبحانا نعوذ له * وقبلنا سبح الجودي والجمد * اعتراه بكذا: أصابه به، وقيل افتعل من عراه يعروه. الناصية: منبت الشعر في مقدم الرأس، ويسمى الشعر النابت هناك ناصية باسم منبته. ونصوت الرجل انصوه نصوا، مددت ناصيته. الجبار: المتكبر. العنيد: الطاغي الذي لا يقبل الحق ولا يصغي إليه، من عند يعند حاد عن الحق إلى جانب، وقيل: ومنه عندي كذا أي: في جانبي. وقال أبو عبيدة: العنيد والعنود والمعاند والعاند المعارض بالخلاف، ومنه قيل للعرق الذي ينفجر بالدم: عاند.
* (وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها إن ربى لغفور رحيم * وهى تجرى بهم فى موج كالجبال ونادى نوح ابنه وكان فى معزل يابنى * بنى * اركب معنا ولا تكن مع الكافرين * قال ساوى إلى جبل يعصمنى من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما) *: الضمير في: وقال، عائد على نوح أي: وقال نوح حين أمر بالجمل في السفينة لمن آمن معه ومن أمر بحمله: اركبوا فيها. وقيل: الضمير عائد على الله، والتقدير: وقال الله لنوح ومن معه، ويبعد ذلك قوله: إن ربي لغفور رحيم. قيل: وغلب من يعقل في قوله: اركبوا، وإن كانوا قليلا بالنسبة لما لا يعقل ممن حمل فيها، والظاهر أنه خطاب لمن يعقل خاصة، لأنه لا يليق بما لا يعقل. وعدي اركبوا بفي لتضمينه معنى صيروا فيها، أو معنى ادخلوا فيها. وقيل: التقدير اركبوا الماء فيها. وقيل: في زائدة للتوكيد أي: اركبوها. والباء في بسم الله في موضع الحال، أو متبركين بسم الله. مجراها ومرساها منصوبان إما على أنهما ظرفا زمان أو مكان، لأنهما يجيئان لذلك. أو ظرفا زمان على جهة الحذف، كما حذف من جئتك مقدم إلحاح، أي: وقت قدوم الحاج، فيكون مجراها ومرساها مصدران في الأصل حذف منهما المضاف، وانتصبا بما في بسم الله من معنى الفعل. ويجوز أن يكون باسم الله حالا من ضمير فيها، ومجراها ومرساها مصدران مرفوعان على الفاعلية، أي: اركبوا فيها ملتبسا باسم الله إجراؤها وإرساؤها أي: ببركة اسم الله. أو يكون مجراها ومرساها مرفوعين على الابتداء، وباسم الله الخبر، والجملة حال من الضمير في فيها. وعلى هذه التوجيهات الثلاثة فالكلام جملة واحدة، والحال مقدرة. ولا يجوز مع رفع مجراها ومرساها على الفاعلية أو الابتداء أن يكون حالا من ضمير اركبوا، لأنه لا عائد عليه فيما وقع حالا. ويجوز أن يكون باسم الله مجراها ومرساها جملة ثانية من مبتدإ وخبر، لا تعلق لها بالجملة الأولى من حيث الإعراب أمرهم أولا بالركوب، ثم أخبر أن مجراها ومرساها بذكر الله أو بأمره وقدرته، فالجملتان كلامان محكيان. يقال: كما أن الجملة الثانية محكية أيضا بقال. وقال الضحاك: إذا أراد جري السفينة قال بسم الله مجراها فتجري، وإذا أراد وقوفها قال بسم الله مرساها فتقف.
وقرأ مجاهد، والحسن، وأبو رجاء، والأعرج، وشيبة، والجمهور من السبعة الحرميان، والعربيان، وأبو بكر: مجراها بضم الميم. وقرأ الأخوان، وحفص: بفتحها، وكلهم ضم ميم مرساها. وقرأ ابن مسعود، وعيسى الثقفي، وزيد بن علي، والأعمش، ومجراها
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»