القرآن والمعجزات وسموها سحرا ولم يؤمنوا بالرسول؛ انتهى. وفيه دسيسة الاعتزال بقوله: حيث قالوا: لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا. وقال ابن عطية: ممن افترى اختلق والمكذب بالآيات مفتري كذب ولكنهما من الكفر فلذلك نصا مفسرين؛ انتهى. ومعنى * (لا يفلح الظالمون) * لا يظفرون بمطالبهم في الدنيا والآخرة، بل يبقون في الحرمان والخذلان ونفي الفلاح عن الظالم فدخل فيه الأظلم والظالم غير الأظلم وإذا كان هذا لا يفلح فكيف يفلح الأظلم؟.
* (ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للذين أشركوا أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون) * قيل: * (يوم) * معمول لا ذكر محذوفة على أنه مفعول به قاله ابن عطية وأبو البقاء. وقيل: المحذوف متأخر تقديره * (ويوم نحشرهم) * كان كيت وكيت فترك ليبقى على الإبهام الذي هو أدخل في التخويف قاله الزمخشري. وقيل: العامل انظر كيف كذبوا يوم نحشرهم. وقيل: هو مفعول به لمحذوف تقديره وليحذروا يوم نحشرهم. وقيل: هو معطوف على ظرف محذوف، والعامل فيه العامل في ذلك الظرف والتقدير أنه لا يفلح الظالمون اليوم في الدنيا ويوم نحشرهم قاله الطبري. وقرأ الجمهور * (نحشرهم) * ثم نقول بالنون فيهما. وقرأ حميد ويعقوب فيهما بالياء. وقرأ أبو هريرة * (نحشرهم) * بكسر الشين، والظاهر أن الضمير في * (نحشرهم) * عائد على الذين افتروا على الله الكذب، أو كذبوا بآياته وجاء * (ثم نقول للذين أشركوا) * بمعنى ثم نقول لهم ولكنه نبه على الوصف المترتب عليه توبيخهم ويحتمل أن يعود على الناس كلهم وهم مندرجون في هذا العموم ثم تفرد بالتوبيخ المشركون. وقيل: الضمير عائد على المشركين وأصنامهم ألا ترى إلى قولهم * (احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون) * من دون الله وعطف ب * (* بثم) * للتراخي الحاصل بين مقامات يوم القيامة في المواقف، فإن فيه مواقف بين كل موقف وموقف تراخ على حسب طول ذلك اليوم، و * (أشركوا أين شركاؤكم) * سؤال توبيخ وتقريع وظاهر مدلول * (أين شركاؤكم) * غيبة الشركاء عنهم أي تلك الأصنام قد اضمحلت فلا وجود لها. وقال الزمخشري: ويجوز أن يشاهدوهم إلا أنهم حين لا ينفعونهم ولا يكون منهم ما رجوا من الشفاعة فكأنهم غيب عنهم وأن يحال بينهم وبينهم في وقت التوبيخ ليفقدوهم في الساعة التي علقوا بهم الرجاء فيها فيرو إمكان خزيهم وحسرتهم، انتهى. والمعنى أين آلهتكم التي جعلتموها شركاء لله؟ وأضيف الشركاء إليهم لأنه لا شركة في الحقيقة بين الأصنام وبين شيء، وإنما أوقع عليها اسم الشريك بمجرد تسمية الكفرة فأضيفت إليهم بهذه النسبة والزعم القول الأميل إلى الباطل والكذب في أكثر الكلام، ولذلك قال ابن عباس: كل زعم في القرآن فهو بمعنى الكذب وإنما خص القرآن لأنه ينطلق على مجرد الذكر والقول ومنه قول الشاعر:
* تقول هلكنا وإن هلكت وإنما * على الله أرزاق العباد كما زعم * وقال ابن عطية: وعلى هذا الحد يقول سيبوية: بزعم الخليل ولكن ذلك يستعمل في الشيء الغريب الذي تبقى عهدته على قائله؛ انتهى. وحذف مفعولا * (يزعمون) * اختصارا إذ دل ما قبله على حذفهما والتقدير تزعمونهم شركاء، ويحسن أن يكون التقدير كما قال بعضهم: * (أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون) * إنها تشفع لكم عند الله عز وجل.
* (ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين) * تقدم مدلول الفتنة وشرحت هنا بحب الشيء والإعجاب