أي مقالتهم، وتخريج الزمخشري ملفق من كلام أبي علي وأما من كانت أمك فإنه حمل اسم كان على معنى من، لأن من لها لفظ مفرد ولها معنى بحسب ما تريد من إفراد وتثنية وجمع وتذكير وتأنيث وليس الحمل على المعنى لمراعاة الخبر، ألا ترى أنه يجيء حيث لا خبر نحو ومنهم من يستمعون إليك. ونكن مثل من يا ذئب يصطحبان. ومن تقنت في قراءة التاء فليست تأنيث كانت لتأنيث الخبر وإنما هو للحمل على معنى من حيث أردت به المؤنث وكأنك قلت أية امرأة كانت أمك. وقرأ الأخوان * (والله ربنا) * بنصب الباء على النداء أي يا ربنا، وأجاز ابن عطية فيه النصب على المدح وأجاز أبو البقاء فيه إضمار أعني وباقي السبعة بخفضها على النعت، وأجازوا فيه البدل وعطف البيان. وقرأ عكرمة وسلام بن مسكين والله ربنا برفع الاسمين. قال ابن عطية: وهذا على تقديم وتأخير أنهم قالوا: * (ما كنا مشركين) * * (والله ربنا) * ومعنى * (ما كنا مشركين) * جحدوا إشراكهم في الدنيا، روي أنهم إذا رأوا إخراج من في النار من أهل الإيمان ضجوا فيوقفون ويقال لهم أين شركاؤكم؟ فينكرون طماعية منهم أن يفعل بهم ما فعل بأهل الإيمان وهذا الذي روي مخالف لظاهر الآية، وهو * (ويوم نحشرهم جميعا) * ثم نقول فظاهره أنه لا يتراخى القول عن الحشر هذا التراخي البعيد من دخول العصاة المؤمنين النار وإقامتهم فيها ما شاء الله وإخراجهم منها، ثم بعد ذلك كله يقال لهم أين شركاؤكم؟ وأتى رجل إلى ابن عباس فقال: سمعت الله يقول: * (والله ربنا ما كنا مشركين) * وفي أخرى * (ولا يكتمون الله حديثا) * فقال ابن عباس: لما رأوا أنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن قالوا: تعالوا فلنجحد وقالوا: * (ما كنا مشركين) * فختم الله على أفواههم وتكلمت جوارحهم فلا يكتمون الله حديثا.
* (انظر كيف كذبوا على أنفسهم) * الخطاب للرسول عليه السلام والنظر قلبي و * (كيف) * منصوب ب * (كذبوا) * والجملة في موضع نصب بالنظر لأن * (أنظر) * معلقة و * (كذبوا) * ماض وهو في أمر لم يقع لكنه حكاية عن يوم القيامة ولا إشكال في استعمال الماضي فيها موضع المستقبل تحقيقا لوقوعه ولا بد.
قال الزمخشري (فإن قلت): كيف يصح أن يكذبوا حين يطلعون على حقائق الأمور على أن الكذب والجحود لا وجه لمنفعته. (قلت): الممتحن ينطق بما ينفعه وبما لا ينفعه من غير تمييز بينهما حيرة ودهشا، ألا تراهم يقولون * (ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون) * وقد أيقنوا بالخلود ولم يشكوا فيه وقالوا: يا مالك ليقض علينا ربك وقد علموا أنه لا يقضي عليهم، وأما قول من يقول معنا * (وما كنا * مشركين) * عند أنفسنا أو ما علمنا إنا على خطأ في معتقدنا، وحمل قوله: * (انظر كيف كذبوا على أنفسهم) * يعني في الدنيا فتحمل وتعسف وتحريف لأفصح الكلام إلى ما هو عي وإفحام، لأن المعنى الذي ذهبوا إليه ليس هذا الكلام بمترجم عنه ولا بمنطبق عليه، وهو ناب عنه أشد النبو وما أدري ما يصنع من ذلك تفسيره بقوله: * (يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شىء ألا إنهم هم الكاذبون) * بعد قوله: * (ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون) * فشبه كذبهم في الآخرة بكذبهم في الدنيا؛ انتهى. وقول الزمخشري. وأما قول من يقول فهو إشارة إلى أبي علي الجبائي والقاضي عبد الجبار ومن وافقهما أن أهل القيامة لا يجوز إقدامهم على الكذب واستدلوا بأشياء تؤول إلى