ويحتمل أن يعود على الجمع، وهو المصدر المفهوم من قولهم * (ليجمعنكم) *.
* (الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون) * اختلف في إعراب * (الذين) * فقال الأخفش: هو بدل من ضمير الخطاب في * (ليجمعنكم) * ورده المبرد بأن البدل من ضمير الخطاب لا يجوز، كما لا يجوز مررت بك زيد ورد رد المبرد ابن عطية. فقال: ما في الآية مخالف للمثال لأن الفائدة في البدل مترتبة من الثاني، وإذا قلت مررت بك زيد فلا فائدة في الثاني، وقوله: ه * (ليجمعنكم) * يصلح لمخاطبة الناس كافة فيفيدنا إبدال * (الذين) * من الضمير أنهم هم المختصون بالخطاب وخصوا على جهة الوعيد، ويجيء هذا بدل البعض من الكل، انتهى. وما ذكره ابن عطية في هذا الرد ليس بجيد، لأنه إذا جعلنا * (ليجمعنكم) * يصلح لمخاطبة الناس كافة كان * (الذين) * بدل بعض من كل، ويحتاج إذ ذاك إلى ضمير ويقدر * (الذين خسروا أنفسهم) * منهم وقوله فيفيدنا إبدال * (الذين) * من الضمير أنهم هم المختصون بالخطاب، وخصوا على جهة الوعيد وهذا يقتضي أن يكون بدل كل من كل فتناقض أول كلامه مع آخره لأنه من حيث الصلاحية، يكون بدل بعض من كل ومن حيث اختصاص الخطاب بهم يكون بدل كل من كل، والمبدل منه متكلم أو مخاطب في جوازه خلاف مذهب الكوفيين والأخفش، أنه يجوز ومذهب جمهور البصريين أنه لا يجوز، وهذا إذا لم يكن البدل يفيد معنى التوكيد فإنه إذ ذاك يجوز، وهذا كله مقرر في علم النحو. وقال الزجاج: * (الذين) * مرفوع على الابتداء والخبر قوله: * (فهم لا يؤمنون) * ودخلت الفاء لما تضمن المبتدأ من معنى الشرط كأنه قيل: من يخسر نفسه فهو لا يؤمن، ومن ذهب إلى البدل جعل الفاء عاطفة جملة على جملة وأجاز الزمخشري أن يكون * (الذين) * منصوبا على الذم أي: أريد * (الذين خسروا أنفسهم) *؛ انتهى وتقديره بأريد ليس بجيد إنما يقدر النحاة المنصوب على الذم بأذم وأبعد من ذهب إلى أن موضع * (الذين) * جر نعتا للمكذبين أو بدلا منهم.
وقال الزمخشري (فإن قلت): كيف جعل عدم إيمانهم مسببا عن خسرهم والأمر بالعكس؟ (قلت): معناه * (الذين خسروا أنفسهم) * في علم الله لاختيارهم الكفر * (فهم لا يؤمنون) *؛ انتهى. وفيه دسيسة الاعتزال بقوله: لاختيارهم الكفر.
* (وله ما سكن فى اليل والنهار) * لما ذكر تعالى أنه له ملك ما حوى المكان من السماوات والأرض، ذكر ما حواه الزمان من الليل والنهار وإن كان كل واحد من الزمان والمكان يستلزم الآخر، لكن النص عليهما أبلغ في الملكية وقدم المكان لأنه أقرب إلى العقول والأفكار من الزمان وله قال الزمخشري وغيره، هو معطوف على قوله * (لله) * والظاهر أنه استئناف إخبار وليس مندرجا تحت قوله: قل، و * (سكن) * هنا قال السدي وغيره: من السكنى أي ما ثبت وتقرر، ولم يذكر الزمخشري غيره. قال: وتعديه ب * (فى) * كما في قوله: * (وسكنتم فى مساكن الذين ظلموا أنفسهم) * وقالت فرقة: هو من السكون المقابل للحركة واختلف هؤلاء. فقيل: ثم معطوف محذوف أي وما تحرك، وحذف كما حذف في قوله: تقيكم الحر والبرد. وقيل: لا محذوف هنا واقتصر على الساكن لأن كل متحرك قد يسكن وليس كل ما يسكن يتحرك. وقيل: لأن السكون أكثر وجودا من الحركة، وقال في قوله: * (والنهار) * لأن من المخلوقات ما يسكن