مال الله '، وخرج البزار في مسنده من حديث جابر بن سليم ما وصاه به الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ' اتق الله ولا تحقرن من المعروف شيئا وأن تلقى أخاك بوجه منبسط، وأن تفرغ من فضل دلوك في إناء المستسقى وإن امرؤ سبك بما لا يعلم منك فلا تسبه بما تعلم فيه فإن الله جاعل لك أجرا وعليه وزرا ولا تسبن شيئا مما خولك الله). وقال جعفر الصادق: أمر الله تعالى نبيه بمكارم الأخلاق وليس في القرآن آية أجمع لمكارم الأخلاق منها.
* (وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم) * أي ينخسنك بأن يحملك بوسوسته على ما لا يليق فاطلب العياذة بالله منه وهي اللواذ والاستجارة، قيل: لما نزلت خذ العفو الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم): كيف والغضب فنزلت ومناسبتها لما قبلها ظاهرة وفاعل ينزغنك هو نزغ على حد قولهم جدجده أو على إطلاق المصدر، والمراد به نازغ وختم بهاتين الصفتين لأن الاستعاذة تكون بالنسيان ولاتجدي إلا باستحضار معناها فالمعنى سميع للأقوال عليم بما في الضمائر، قال ابن عطية: الآية وصية من الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم) تعم أمته رجلا رجلا ونزغ الشيطان عام في الغضب وتحسين المعاصي واكتساب الغوائل وغير ذلك وفي مصنف أبي عيسى الترمذي عن النبي صلى الله عليه وسلم) أنه قال: (إن للملك لمة وإن للشيطان لمة) وبهذه الآية تعلق ابن القاسم في قوله: إن الاستعاذة عند القراءة أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم انتهى. واستنباط ذلك من الآية ضعيف لأن قوله: إنه سميع عليم جرى مجرى التعليل لطلب الاستجارة بالله أي لا تستعذ بغيره فإنه هو السميع لما تقول أو السميع لما تقوله الكفار فيك حين يرومون إغضابك العليم بقصدك في الاستعاذة أو العليم بما انطوت عليه ضمائرهم من الكيد لك فهو ينصرك عليهم ويجيرك منهم.
* (إن الذين اتقوا إذا مسهم طئف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون) * النزغ من الشيطان أحف من مس الطائف من الشيطان لأن النزغ أدنى حركة والمس الإصابة والطائف ما يطوف به ويدور عليه فهو أبلغ لا محالة فحال المتقين تزيد في ذلك على حال الرسول، وانظر لحسن هذا البيان حيث جاء الكلام للرسول كان الشرط بلفظ إن المحتملة للوقوع ولعدمه، وحيث كان الكلام للمتقين كان المجيء بإذا الموضوعة للتحقيق أو للترجيح، وعلى هذا فالنزغ يمكن أن يقع ويمكن أن لا يقع والمس واقع لا محالة أو يرجح وقوعه وهو إلصاق البشرة وهو هنا استعارة وفي تلك الجملة أمر هو صلى الله عليه وسلم) بالاستعاذة، وهنا جاءت الجملة خبرية في ضمنها الشرط وجاء الخبر تذكروا فدكل على تمكن مس الطائف حتى حصل نسيان فتذكروا ما نسوه والمعنى تذكروا ما أمر به تعالى وما نهى عنه، وبنفس التذكر حصل إبصارهم فاجأهم إبصار الحق والسداد فاتبعوه وطروا عنهم مس الشيطان الطائف، واتقوا قيل: عامة في كل ما يتقى، وقيل: الشرك والمعاصي، وقيل: عقاب الله، وقرأ النحويان وابن كثير: طيف فاحتمل أن يكون مصدرا من طاف يطيف طيفا أنشد أبو عبيدة:
* أني ألم بك الخيال يطيف * ومطافه لك ذكره وشغوف * واحتمل أن يكون مخففا من طيف كميت وميت أو كلين من لين لأن طاف المشددة يحتمل أن يكون من طاف يطيف ويحتمل أن يكون من طاف يطوف، وقرأ باقي السبعة طائف اسم فاعل من طاف، وقرأ ابن جبير طيف بالتشديد وهو فيعل وإلى أن الطيف مصدر مال الفارسي جعل الطيف كالخطرة والطائف