* (ومن الانعام حمولة وفرشا) * هذا معطوف على * (جنات) * أي وأنشأ * (من الانعام * حمولة وفرشا) * وهل الحمولة ما قاله ابن عباس ما حمل عليه من الإبل والبقر والخيل والبغال والحمير والفرش الغنم؟ أو ما قاله أيضا ما انتفع به من ظهورها والفرش الراعية؟ أو ما قاله ابن مسعود والحسن ومجاهد وابن قتيبة: ما حمل من الإبل والفرش صغارها؟ أو ما قاله الحسن أيضا: الإبل والفرش الغنم؟ أو ما قاله ابن زيد: ما يركب والفرش ما يؤكل لحمه ويجلب من الغنم والفصلان والعجاجيل؟ أو ما قاله الماتريدي: مراكب النساء والفرش ما يكون للنساء أو ما قاله أيضا: كل شيء من الحيوان وغيره يقال له فرش؟ تقول العرب: أفرشه الله كذا أي جعله له أو ما قاله بعضهم: ما كان معدا للحمل من الحيوانات، والفرش: ما خلق لهم من أصوافها وجلودها التي يفترشونها ويجلسون عليها، أو ما يحمل الأثقال. والفرش: ما يفرش للذبح أو ينسج من وبره وصوفه وشعره للفرش. أو ما قاله الضحاك: واختاره النحاس الإبل والبقر والفرش الغنم ورجح هذا بإبدال ثمانية أزواج منه عشرة أقوال، وقدم الحمولة على الفرش لأنها أعظم في الانتفاع إذ ينتفع بها في الحمل والأكل.
* (كلوا مما رزقكم الله) * أي مما أحله الله لكم ولا تحرموا كفعل الجاهلية وهذا نص في الإجابة وإزالة لما سنه الكفار من البحيرة والسائبة.
* (ولا تتبعوا خطوات الشيطان) * أي في التحليل والتحريم من عند أنفسكم وتعلقت بها المعتزلة في أن الحرام ليس برزق وتقدم تفسير * (ولا تتبعوا) * إلى آخره في البقرة.
* (ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين قل * ءآلذكرين حرم أم الانثيين أما اشتملت عليه أرحام الانثيين) * تقدم تفسير المشركين فيما أحلوا وما حرموا ونسبتهم ذلك إلى الله، فلما قام الإسلام وثبتت الأحكام جادلوا النبي صلى الله عليه وسلم) وكان خطيبهم مالك بن عوف بن أبي الأحوص الجشمي فقال: يا محمد بلغنا أنك تحل أشياء فقال له: (إنكم قد حرمتم أشياء على غير أصل، وإنما خلق الله هذه الأزواج الثمانية للأكل والانتفاع بها فمن أين جاء هذا التحريم أمن قبل الذكر أم من قبل الأنثى. فسكت مالك بن عوف وتحير؛ فلو علل بالذكورة وجب أن يحرم الذكر أو بالأنوثة فكذلك أو باشتمال الرحم وجب أن يحرما لاشتمالها عليهما، فأما تخصيص التحريم بالولد الخامس أو السابع أو ببعض دون بعض فمن أين؟ وروي أنه قال لمالك: (ما لك لا تتكلم). فقال له مالك: بل تكلم وأسمع منك والزوج ما كان مع آخر من جنسه وهما زوجان قال: وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى فإن كان وحده فهو فرد ويعني باثنين ذكرا وأنثى أي كبشا ونعجة وتيسا وعنزا وهذا الاستفهام هو استفهام إنكار وتوبيخ وتقريع، حيث نسبوا ما حرموه إلى الله تعالى وكانوا مرة يحرمون الذكور ومرة الإناث ومرة أولادها ذكورا أو إناثا أو مختلطة، فبين تعالى أن هذا التقسيم هو من قبل أنفسهم لا من قبله تعالى وانتصب * (ثمانية أزواج) * على البدل في قول الأكثرين من قوله: * (حمولة وفرشا) * وهو الظاهر. وأجازوا نصبه ب * (كلوا مما رزقكم الله) * وهو قول علي بن سليمان وقدره كلوا لحم ثمانية وب (أنشأ) مضمرة قاله الكسائي، وعلى البدل من موضع ما من قوله: * (مما رزقكم) * وب * (كلوا) * مضمرة وعلى أنها حال أي مختلفة متعددة. وقرأ طلحة بن مصرف والحسن وعيسى بن عمر: * (من الضأن) * بفتح الهمزة. وقرأ الابنان وأبو عمرو: * (ومن المعز) * بفتح العين. وقرأ أبي ومن المعزى. وقرأ أبان بن عثمان: اثنان بالرفع على الابتداء والخبر المقدم وتقديم المفعول وتأخير الفعل دل على وقوع تحريمهم الذكور تارة والإناث أخرى، وما اشتملت عليه الرحم أخرى، فأنكر تعالى ذلك عليهم حيث نسبوه إليه تعالى فقال: * (حرم) * أي حرم الله أي لم يحرم تعالى شيئا من ذلك لا ذكورها ولا إناثها ولا مما تحمله أرحام إناثهما، وقدم في التقسيم الفرش على الحمولة لقرب الذكر وهما طريقان للعرب تارة يراعون القرب وتارة يراعون التقديم، ولأنهما أيسر