القياس فالأولى أن يحسن به الظن، لأنه يمكن أن يكون ذلك وقع إليه من لغة قديمة قد طال عهدها وعفا رسمها. وقال أبو عمرو بن العلاء: ما انتهى إليكم مما قالت العرب إلا أقله ولو جاءكم وافرا لجاءكم علم وشعر كثير ونحوه ما روى ابن سيرين عن عمر بن الخطاب أنه حفظ أقل ذلك وذهب عنهم كثيره يعني الشعر في حكاية فيها طول. وقال أبو الفتح: فإذا كان الأمر كذلك لم نقطع على الفصيح إذا سمع منه ما يخالف الجمهور بالخطا؛ انتهى، ملخصا مقتصرا على بعض ما قاله. وقرأ بعض أهل الشام ورويت عن ابن عامر * (زين) * بكسر الزاي وسكون الياء على القراءة المتقدمة من الفصل بالمفعول، ومعنى * (ليردوهم) * ليهلكوهم من الردى وهو الهلاك * (وليلبسوا) * ليخلطوا و * (دينهم) * ما كانوا عليه من دين إسماعيل حتى زلوا عنه إلى الشرك. وقيل * (دينهم) * الذي وجب أن يكونوا عليه. وقيل: معناه وليوقعوهم في دين ملتبس. وقرأ النخعي * (وليلبسوا) * بفتح الياء. قال أبو الفتح: استعارة من اللباس عبارة عن شدة المخالطة واللام متعلقة ب * (زين) *. وقال الزمخشري: إن كان التزيين من الشياطين فهي على حقيقة التعليل، وإن كان من السدنة فعلى معنى الصيرورة.
* (ولو شاء الله ما فعلوه) * الظاهر عود الضمير على القتل لأنه المصرح به والمحدث عنه والواو في * (فعلوه) * عائد على الكثير. وقيل: الهاء للتزيين والواو للشركاء. وقيل: الهاء للبس وهذا بعيد. وقيل: لجميع ذلك إن جعلت الضمير جار مجرى الإشارة وهذه الجملة رد على من زعم أنه يخلق أفعاله. وقال الزمخشري: * (ولو شاء الله) * مشيئة قسر؛ انتهى، وهو على مذهبه الاعتزالي.
* (فذرهم وما يفترون) * أي ما يختلفون من الإفك على الله والأحكام التي يشرعونها وهو أمر تهديد ووعيد.
* (وقالوا هاذه أنعام وحرث حجر لا يطعمها إلا من نشاء بزعمهم) * أعلم تعالى بأشياء مما شرعوها وتقسيمات ابتدعوها والتزموها على جهة الفرية والكذب منهم على الله، أفردوا من أنعامهم وزروعهم وثمارهم شيئا وقالوا: هذا حجر أي حرام ممنوع. وقرأ أبان بن عثمان: نعم على الإفراد. وقرأ باقي السبعة بكسر الحاء وسكون الجيم والحجر بمعى المحجور كالذبح والطحن يستوي في الوصف به الواحد والجمع والمذكر والمؤنث، لأن حكمه حكم الأسماء غير الصفات قاله الزمخشر. وقرأ الحسن وقتادة والأعرج بضم الحاء وسكون الجيم. وقال القرطبي: قرأ الحسن وقتادة بفتح الحاء وإسكان الجيم، وعن الحسن أيضا * (حجر) * بضم الحاء. وقرأ أبان بن عثمان وعيسى بن عمر بضم الحاء والجيم، وقال هارون: كان الحسن يضم الحاء من * (حجر) * حيث وقع وقع إلا وحجرا محجورا فيكسرها وقرأ أبي وعبد الله وابن عباس وابن الزبير وعكرمة وعمرو بن دينار والأعمش حرج بكسر الحاء وتقديم الراء على الجيم وسكونها، وخرج على القلب فمعناه معنى * (حجر) * أو من الحرج وهو التضييق لا يطعمها لا يأكلها إلا من نشاء وهم الرجال دون النساء، أو سدنة الأصنام * (بزعمهم) * أي بتقولهم الذي هو أقرب إلى الباطل منه إلى الحق.
* (وأنعام حرمت ظهورها) * هي البحائر والسوائب والحوامي وتقدم تفسيرها في المائدة.
* (وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها) * أي عند الذبح. وقال أبو وائل: وجماعة لا يحجون عليها ولا يلبون كانت تركب في كل وجه إلا في الحج.
* (افتراء عليه) * اختلاقا وكذبا على الله حيث قسموا هذه الأنعام هذا التقسيم ونسبوا ذلك إلى الله وانتصب * (افتراء) * على أنه مفعول من أجله أو مصدر على إضمار فعل، أي يفترون أو مصدر على معنى وقالوا: لأنه في معنى افتروا أو مصدر في موضع الحال.
* (سيجزيهم بما كانوا يفترون) * تهديد شديد ووعيد.
* (وقالوا ما فى بطون هاذه الانعام خالصة لذكورنا ومحرم على أزواجنا) * الذي في بطونها هو الأجنة قاله السدي. وقال الزمخشري: كانوا يقولون في أجنة البحائر والسوائب ما ولد منها حيا فهو خالص لذكورنا ولا تأكل منه الإناث،