تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٤ - الصفحة ١٦٩
أو بدل، وقال مجاهد: هو اسم صنم فيكون أطلق على أبي إبراهيم لملازمته عبادته كما أطلق على عبيد الله بن قيس الرقيات لحبه نساء اسم كل واحدة منهن رقية. فقيل ابن قيس الرقيات، وكما قال بعض المحدثين:
* أدعى بأسماء تترى في قبائلها * كأن أسماء أضحت بعض أسمائي * ويكون إذ ذاك عطف بيان أو يكون على حذف مضاف أي عابد آزر حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه أو يكون منصوبا بفعل مضمر أي تتخذ آزر، وقيل: إن آزر عم إبراهيم وليس اسم أبيه وهو قول الشيعة يزعمون أن آباء الأنبياء لا يكونون كفارا وظواهر القرآن ترد عليهم ولا سيما محاورة إبراهيم مع أبيه في غير ما آية، وقال مقاتل: هو لقب لأبي إبراهيم وليس اسما له وامتنع آزر من الصرف للعلمية والعجمة، وقيل هو صفة، قال الفراء بمعنى المعوج. وقال الزجاج: بمعنى المخطىء، وقال الضحاك: الشيخ الهم بالفارسية، وإذا كان صفة أشكل منع صرفه ووصف المعرفة به وهو نكرة ووجهه الزجاج بأن تزاد فيه أل وينصب على الذم كأنه قيل: أذم المخطىء، وقيل: انتصب على الحال وهو في حال عوج أو خطأ، وقرأ الجمهور آزر بفتح الراء وأبي وابن عباس والحسن ومجاهد وغيرهم بضم الراء على النداء وكونه علما ولا يصح أن يكون صفة لحذف حرف النداء وهو لا يحذف من الصفة إلا شذوذا، وفي مصحف أبي يا آزر بحرف النداء اتخذت أصناما بالفعل الماضي فيحتمل العلمية والصفة، وقرآ ابن عباس أيضا أزرا تتخذ بهمزة استفهام وفتح الهمزة بعدها وسكون الزاي ونصب الراء منونة وحذف همزة الاستفهام من أتتخذ، قال ابن عطية: المعنى أعضدا وقوة ومظاهرة على الله تتخذ وهو قوله: * (اشدد به أزرى) *. وقال الزمخشري: هو اسم صنم ومعناه أتعبد أزرا على الإنكار ثم قال: أتتخذ أصناما آلهة تبيينا لذلك وتقريرا وهو داخل في حكم الإنكار لأنه كالبيان له، وقرأ ابن عباس أيضا وأبو إسماعيل الشامي أإزرا بكسر الهمزة بعد همزة الاستفهام تتخذ، قال ابن عطية: ومعناها إنها مبدلة من واو كوسادة وإسادة كأنه قال: أوزرا أو مأثما تتخذ أصناما ونصبه على هذا بفعل مضمر، وقال الزمخشري: هو اسم صنم ووجهه على ما وجه عليه أأزرا بفتح الهمزة، وقرأ الأعمش إزرا تتخذ بكسر الهمزة وسكون الزاي ونصب الراء وتنوينها وبغير همزة استفهام في تتخذ والهمزة في أتتخذ للإنكار وفيه دليل على الإنكار على من أمر الإنسان بإكرامه إذا لم يكن على طريقة مستقيمة وعلى البداءة بمن يقرب من الإنسان كما قال: * (وأنذر عشيرتك الاقربين) * وفي ذكره أصناما آلهة الجمع تقبيح عظيم لفعلهم واتخاذهم جمعا آلهة وذكروا أن إبراهيم كان نجارا منجما مهندسا وكان نمرود يتعلق بالهندسة والنجوم فحظى عنده بذلك وكان من قرية تسمى كوثا من سواد الكوفة، قاله مجاهد قيل وبها ولد إبراهيم، وقيل: كان آزر من أهل حران وهو تارخ بن ناجور بن ساروع بن أرغو بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح، وأراك يحتمل أن تكون بصرية وأن تكون علمية، والظاهر أن تتخذ يتعدى إلى مفعولين وجوزوا أن يكون بمعنى أتعمل وتصنع لأنه كان
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»