تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٤ - الصفحة ١٥
ولو حلف بصدقة ماله فقال الشعبي وعطاء وطاوس لا شيء عليه، وقال الشافعي وإسحاق وأبو ثور: عليه كفارة بمين، وقال أبو حنيفة: مقدار نصاب، وقال بعضهم: مقدار زكاته، وقال مالك: ثلث ماله ولو حلف بالمشي إلى مكة، فقال ابن المسيب والقاسم: لا شيء عليه، وقال الشافعي وأحمد وأبو ثور: كفارة يمين، وقال أبو حنيفة: يلزمه الوفاء به فإن عجز عن المشي لزمه أن يحج راكبا ولو حلف بالعتق، فقال عطاء، يتصدق بشيء، وروي عن ابن عمر وابن عباس وعائشة: عليه كفارة يمين لا العتق، وقال الجمهور: يلزمه العتق ومن قال الطلاق لازم له فقال المهدوي: أجمع كل من يعتمد على قوله إن الطلاق لازم لمن حلف به وحنث.
* (أيام ذالك كفارة أيمانكم إذا حلفتم) * أي ذلك المذكور واستدل بها الشافعي على جواز التكفير بعد اليمين. وقيل الحنث وفيها تنبيه على أن الكفارة لا تكون إلا بعد الحنث فهم يقدرون محذوفا أي إذا حلفتم وحنثتم.
* (واحفظوا أيمانكم كذالك يبين الله لكم ءاياته لعلكم تشكرون) * قال الزمخشري أي بروا فيها ولا تحنثوا، أراد الأيمان التي الحنث فيها معصية لأن الأيمان اسم جنس يجوز إطلاقه على بعض الجنس وعلى كله، وقيل احفظوها بأن تكفروها، وقيل احفظوها كيف حلفتم بها ولا تنسوها تهاونا بها.
* (كذالك) * أي مثل ذلك البيان * (يبين الله لكم آياته) * إعلام شريعته وأحكامه.
* (لعلكم تشكرون) * نعمته فيما يعلمكم ويسهل عليكم المخرج منه.
* (تشكرون يأيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والانصاب والازلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) * نزلت بسبب قصة سعد بن أبي وقاص حين شرب طائفة من الأنصار والمهاجرين فتفاخروا، فقال سعد: المهاجرون خير فرماه أنصاري بلحي جمل ففزر أنفه، وقيل بسبب قول عمر اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا، وقيل بسبب قصة حمزة وعلي حين عقر شارف علي وقال: هل أنتم إلا عبيد لأبي وهي قصة طويلة، وقيل كان أمر الخمر ونزول الآيات بتدريج، فنزل * (حديثا يأيها الذين ءامنوا لا تقربوا الصلواة وأنتم سكارى) *. وقيل بسبب قراءة بعض الصحابة وكان منتشيا في صلاة المغرب * (قل ياأهل * أيها * الكافرون) *
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»