الضمير إليهما أفاد استواءهما في حيازة السدس من غير مفاضلة الذكر والأنثى، فهل تبقى هذه الفائدة قائمة في هذا الوجه؟ قلت: نعم، لأنك إذا قلت: السدس له، أو لواحد من الأخ أو الأخت على التخيير، فقد سويت بين الذكر والأنثى انتهى كلامه. وملخص ما قال: أن يكون المعنى: إن كان أحد اللذين يورثهما غيرهما من رجل أو امرأة له أحد هذين من أخ أو أخت، فلكل واحد منهما السدس. وعطف وامرأة على رجل، وحذف منها ما قيد به الرجل لدلالة المعنى، والتقدير: أو امرأة تورث كلالة. وإن كان مجرد العطف لا يقتضي تقييد المعطوف بقيد المعطوف عليه. والضمير في: وله، عائد على الرجل نظير: (وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها) * في كونه عاد على المعطوف عليه. وإن كان يجوز أن يعاد الضمير على المعطوف تقول: زيد أو هند قامت، نقل ذلك الأخفش والفراء. وقد تقدم لنا ذكر هذا الحكم. وزاد الفراء وجها ثالثا وهو: أن يسند الضمير إليهما. قال الفراء: عادة العرب إذا رددت بين اسمين بأو، وأن تعيد الضمير إليهما جميعا، وإلى حدهما أيهما شئت. تقول: من كان له أخ أو أخت فليصله. وإن شئت فليصلها انتهى. وعلى هذا الوجه ظاهر قوله: * (*) * في كونه عاد على المعطوف عليه. وإن كان يجوز أن يعاد الضمير على المعطوف تقول: زيد أو هند قامت، نقل ذلك الأخفش والفراء. وقد تقدم لنا ذكر هذا الحكم. وزاد الفراء وجها ثالثا وهو: أن يسند الضمير إليهما. قال الفراء: عادة العرب إذا رددت بين اسمين بأو، وأن تعيد الضمير إليهما جميعا، وإلى حدهما أيهما شئت. تقول: من كان له أخ أو أخت فليصله. وإن شئت فليصلها انتهى. وعلى هذا الوجه ظاهر قوله: * (إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما) * وقد تأوله من منع الوجه. وأصل أخت أخوة على وزن شررة، كما أن بنتا أصله بنية على أحد القولين في ابن، أهو المحذوف منه واو أو ياء؟ قيل: فلما حذفت لام الكلمة وتاء التأنيث، وألحقوا الكلمة بقفل وجذع بزيادة التاء آخرهما قال الفراء: ضم أول أخت ليدل على أن المحذوف واو، وكسر أول بنت ليدل على أن المحذوف ياء انتهى. ودلت هذه التاء التي للإلحاق على ما دلت عليه تاء التأنيث من التأنيث. وظاهر قوله: وله أخ أو أخت الإطلاق، إذ الأخوة تكون بين الأحقاف والأعيان وأولاده العلات، وأحمعوا على أن المراد في هذه الآية الأخوة للأم. ويوضح ذلك قراءة أبي وله أخ أو أخت من الأم. وقراءة سعد بن أبي وقاص: وله أخ أو أخت من أم، واختلاف الحكمين هنا، وفي آخر السورة يدل على اختلاف المحكوم له، إذ هنا الإبنان أو الأخوة يشتركون في الثلث فقط ذكورا أو إناثا بالسوية بينهم. وهناك يحوزون المال للذكر مثل حظ الأنثيين، والبنتان لهما الثلثان، والضمير في منهما الظاهر أنه يعود على أخ أو أخت. وعلى ما جوزه الزمخشري يعود على أحد رجل وامرأة واحد أخ وأخت، ولو ماتت عن زوج وأم وأشقاء فله النصف ولهما السدس، ولهم الباقي أولا فلهم الثلث. أو أخوين لأم أشقاء فهذه الحمادية. فهل يشترك الجميع في الثلث، أم ينفرد به الأخوان لأم؟ قولان، قال بالتشريك عمر في آخر قضائه، وابن مسعود وزيد بن ثابت وأبو حنيفة وأصحابه. وقال بالانفراد: علي وأبو موسى، وأبي، وابن عباس.
* (فإن كانوا أكثر من ذالك فهم شركاء فى الثلث) * الإشارة بذلك إلى أخ أو أخت، أي أكثر من واحد. لأن المحكوم عليه بأن له السدس هو كل واحد من الأخ والأخت فهو واحد، ولم يحكم على الاثنين بأن لهما جميعا السدس، فتصح الأكثرية فيما أشير إليه وهو ذلك، بل المعنى هنا بأكثر يعني: فإن كان من يرث زائدا على ذلك أي: على الواحد، لأنه لا يصح أن يقول هذا أكثر من واحد إلا بهذا المعنى، لتنافي معنى كثير وواحد، إذ الواحد لا كثرة فيه. وفي قوله: فإن كانوا، وفهم شركاء غلب ضمير المذكر، ولذلك جاء بالواو وبلفظ، فهم هذا كله على ما قررت فيه الأحكام. وظاهر الآية: أنه إذا ترك أخا أو أختا، أي أحد هذين، فلكل واحد منهما السدس أو أكثر اشتركوا في الثلث، أما إذا ترك اثنين من أخ أو أخت، فلا يدل على ذلك ظاهر الآية.
* (من بعد وصية يوصى بها أو دين * غير مضار وصية من الله) * الضمير في يوصي عائد على رجل، كما عاد عليه في: وله أخ. ويقوي عود الضمير عليه أنه هو الموروث لا الوارث، لأن الذي يوصي أو يكون عليه الدين هو الموروث لا الوارث. ومن فسر قوله: * (وإن كان رجل) * أنه هو الوارث لا الموروث، جعل الفاعل في يوصي عائدا على ما دل عليه المعنى من الوارث. كما دل المعنى على الفاعل في قوله: * (فلهن ثلثا ما ترك) * لأنه علم أن الموصي والتارك لا يكون إلا الموروث، لا الوارث. والمراد: غير مضار، ورثته بوصيته أو دينه. ووجوه المضارة كثيرة: كان يوصي بأكثر من الثلث، أو