تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٢ - الصفحة ٥١٣
التنبيه والإشارة والجمع بين حرفي التأكيد، وبالفصل في قوله: * (إن هاذا لهو القصص الحق) * وفي: * (وإن الله لهو العزيز) * والاختصاص في: * (عليم بالمفسدين) * وفي: * (ولى المؤمنين) * والتجوز بإطلاق اسم الواحد على الجمع في: * (إلى كلمة سواء) * وباطلاق اسم الجنس على نوعه في: * (من أهل الكتاب) * إذا فسر باليهود. والتكرار في: إلا الله، و: إن الله، وفي: يا أهل الكتاب تعالوا، يا أهل الكتاب لم. وفي: إبراهيم، و: ما كان إبراهيم، و: إن أولى الناس بإبراهيم. والتشبيه في: أربابا، لما أطاعوهم في التحليل والتحريم، وأذعنوا إليهم أطلقب عليه: أربابا تشبيها بالرب المستحق للعبادة والربوبية، والإجمال في الخطاب في: يا أهل الكتاب، تعالوا يا أهل الكتاب، لم تحاجون، كقول إبراهيم: يا أبت. وكقول الشاعر:
* مهلا بني عمنا مهلا موالينا * لا تنبشوا بيننا ما كان مدفونا * وقول الآخر:
* بني عمنا لا تنبشوا الشر بيننا * فكم من رماد صار منه لهيب والتجنيس المماثل في: أولى وولي *.
2 (* (ودت طآئفة من أهل الكتاب لو يضلونكم وما يضلون إلا أنفسهم وما يشعرون * ياأهل الكتاب لم تكفرون بأيات الله وأنتم تشهدون * ياأهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون) *)) 2 * (ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم) * أجمع المفسرون على أنها نزلت في: معاذ، وحذيفة، وعمار. دعاهم يهود: بني النضير، وقريظة، وقينقاع، إلى دينهم. وقيل: دعاهم جماعة من أهل نجران ومن يهود وقال ابن عباس: هم اليهود، قالوا لمعاذ وعمار تركتما دينكما واتبعتما دين محمد، فنزلت. وقيل: عيرتهم اليهود بوقعة أحد.
وقال أبو مسلم الأصبهاني: ود بمعنى: تمنى، فتستعمل معها: لو، و: أن، وربما جمع بينهما، فيقال: وددت أن لو فعل، ومصدره: الودادة، والأسم منه: ود، وقد يتداخلان في المصدر والأسم. قال الراغب: إذا كان: ود، بمعنى أحب لا يجوز إدخال: لوغ فيه أبدا. وقال علي بن عيسى: إذا كان: ود، بمعنى: تمنى، صلح للماضي والحال والمستقبل، وإذا كان بمعنى المحبة والإرادة لم يصلح للماضي لأن الإرادة كاستدعاء الفعل. وإذا كان للحال والمستقبل جاز: أن ولو، وإذا كان للماضي لم يجز: أن، لأن: أن، للمستقبل. وما قال فيه نظر، ألا ترى أن: أن، توصل بالفعل الماضي نحو: سرني أن قمت؟.
* (من أهل الكتاب) * في موضع الصفة لطائفة، والطائفة رؤساؤهم وأحبارهم. وقال ابن عطية: ويحتمل: من، أن تكون لبيان الجنس، وتكون الطائفة جميع أهل الكتاب، وما قاله يبعد من دلالة اللفظ، ولو، هنا قالوا بمعنى: أن فتكون مصدرية، ولا يقول بذلك جمهور البصريين، والأولى إقرارها على وضعها. ومفعول: ود، محذوف، وجواب: لو، محذوف، حذف من كل من الجملتين ما يدل المعنى عليه، التقدير: ودوا إضلالكم لو يضلونكم لسروا بذلك، وقد تقدم لنا الكلام في نظير هذا مشبعا في قوله: * (يود أحدهم لو يعمر ألف سنة) * فيطالع هناك.
ومعنى: يضلونكم، يردونكم إلى كفركم، قاله ابن عباس. وقيل: يهلكونكم، قاله ابن جرير، والدمشقي. قال ابن عطية: واستدل يعني ابن جرير الطبري ببيت جرير
(٥١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 508 509 510 511 512 513 514 515 516 517 518 ... » »»