تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ١ - الصفحة ٥٢٤
المخلوقات، وإنما نحن ما لنا من دونه من مانع يمنعنا منه. فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا، ثم أنكر على من تعلقت إرادته بأن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم) سؤالا غير جائز، كسؤالات قوم موسى له. ثم ذكر أن من آثر الكفر على الإيمان، فقد خرج عن قصد المنهج. ثم ذكر أن الكثير من أهل الكتاب يودون ارتدادكم، وأن الحامل لهم على ذلك الحسد. ثم أمروا بالموادعة والصفح، وغيا ذلك بأمر الله، فإذا أتى أمر الله ارتفع الأمر بالعفو والصفح.
ثم اختتم الآية بذكر قدره الله تعالى على كل شيء، لأن قبله وعدا بتغيير حال، فناسب ذلك ذكر القدرة. ثم أمرهم بما يقطع عنهم تلفت أقوال الكفار، وهي الصلاة والزكاة، وأخبر أن ما قدمتموه من الخير فإنه لا يضيع عند الله، بل تجدوه مذخورا لكم. ثم اختتم ذلك حيث نبه على أن ما عمل من الخير هو عند الله، بذكر صفة البصر التي تدل على مشاهدة الأشياء ومعاينتها. ثم نعى على اليهود والنصارى من دعواهم أنهم مختصون بدخول الجنة، وأن ذلك أكذوبة من أكاذيبهم المعروفة، وأنهم طولبوا بإقامة البرهان على دعوى الاختصاص. ثم ذكر أن من انقاد ظاهرا وباطنا لله تعالى فله أجره وهو آمن، فلا يخاف مما يأتي ولا يحزن على ما مضى. ثم أخذ يذكر مقالات النصارى واليهود بعضهم في بعض، وأنها مقالة من أظهر التبرؤ مما جاءت به الرسل وأفصحت عنه الكتب المنزلة، وذلك كله على جهة العناد، لأنهم تالون للكتب عالمون بما انطوت عليه، فصاروا في الحياة الدنيا على مثل حالهم في الآخرة. كما أخبر تعالى عنهم بقوله: * (يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا) *. ثم ذكر أن مقالتهم تلك، وإن كانوا عالمين، فهي مماثلة لمقالة من لا يعلم، ثم ختم ذلك بالوعيد الذي يتضمن الحكم وفصل الباطل من الحق، وأنه تعالى هو المتولي ذلك ليجازيهم على كفرهم.
(* (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى فى خرابهآ أولائك ما كان لهم أن يدخلوهآ إلا خآئفين لهم فى الدنيا خزى ولهم فى الا خرة عذاب عظيم * ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم * وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه بل له ما في السماوات والا رض كل له قانتون * بديع السماوات والا رض وإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون * وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينآ ءاية كذالك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم يوقنون * إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ولا تسأل عن أصحاب الجحيم * ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهوآءهم بعد الذي جآءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير * الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولائك يؤمنون به ومن يكفر به فأولائك هم الخاسرون * يا بني إسراءيل اذكروا نعمتى التىأنعمت عليكم وأنى فضلتكم على العالمين * واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون) *)) ) * المنع: الحيلولة بين المريد ومراده. ولما كان الشيء قد يمنع صيانة، صار المنع متعارفا في المتنافس فيه؛ قاله الراغب. وفعله: منع يمنع، بفتح النون، وهو القياس، لأن لام الفعل أحد حروف الحلق. المساجد: معروفة، وسيأتي الكلام على المفرد أول ما يذكر في القرآن، إن شاء الله. السعي: المشي بسرعة، وهو دون العدو، ثم يطلق على الطلب، كما قال امرؤ القيس:
(٥٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 519 520 521 522 523 524 525 526 527 528 529 ... » »»