أحدث. وقال بعض أهل الكتاب: شجرة الحنظل. وقال أبو مالك: النخلة. وقيل: شجرة المحنة. وقيل: شجرة لم يعلمنا الله ما هي، وهذا هو الأظهر، إذ لا يتعلق بعرفانها كبير أمر، وإنما المقصود إعلامنا أن فعل ما نهينا عنه سبب للعقوبة. وقرئ: الشجرة بكسر الشين، حكاها هارون الأعور عن بعض القراء. وقرئ أيضا الشيرة، بكسر الشين والياء المفتوحة بعدها، وكره أبو عمرو هذه القراءة وقال: يقرأ بها برابر مكة وسودانها، وينبغي أن لا يكرهها، لأنها لغة منقولة، فيها قال الرياشي: سمعت أبا زيد يقول: كنا عند المفضل وعنده أعراب، فقلت: إنهم يقولون شيرة، فقالوا: نعم، فقلت له: قل لهم يصغرونها، فقالوا سبيرة، وأنشد الأصمعي:
نحسبه بين الأنام شيره وفي نهي الله آدم وزوجه عن قربان الشجرة دليل على أن سكناهما في الجنة لا تدوم، لأن المخلد لا يؤمر ولا ينهى ولا يمنع من شيء. فتكونا منصوب جواب النهي، ونصبه عند سيبويه والبصريين بأن مضمرة بعد الفاء، وعند الجرمي بالفاء نفسه، وعند الكوفيين بالخلاف. وتحرير القول في هذه المذاهب يذكر في كتب النحو. وأجازوا أن يكون فتكونا مجزوما عطفا على تقربا، قاله الزجاج وغيره، نحو قوله:
* فقلت له صوب ولا تجهدنه * فيذرك من أعلى القطاة فتزلق * والأول أظهر لظهور السببية، والعطف لا يدل عليها. * (من الظالمين) *: قيل لأنفسكما بإخراجكما من دار النعيم إلى دار الشقاء، أو بالأكل من الشجرة التي نهيتما عنها، أو بالفضيحة بين الملأ الأعلى، أو بمتابعة إبليس، أو بفعل الكبيرة، قاله الحشوية، أو بفعل الصغيرة، قاله المعتزلة، أو بإلزامها ما يشق عليها من التوبة والتلافي، قاله أبو علي، أو بحط بعض الثواب الحاصل، قاله أبو هاشم، أو بترك الأولى، قال قوم: هما أول من ظلم نفسه من الآدميين، وقال قوم: كان قبلهم ظالمون شبهوا بهم ونسبوا إليهم. وفي قوله: * (فتكونا من الظالمين) * دلالة على أن النهي كان على جهة الوجوب لا على جهة الندب، لأن تاركه لا يسمى ظالما. قال بعض أهل الإشارات: الذي يليق بالخلق عدم السكون إلى الخلق، وما زال آدم وحده بكل خير وبكل عافية، فلما جاءه الشكل والزوج، ظهر إتيان الفتنة وافتتاح باب المحنة، وحين ساكن حواء أطاعها فيما أشارت عليه من الأكل، فوقع فيما وقع. ولقد قيل:
* داء قديم في بني آدم * صبوة إنسان بإنسان * وقال القشيري: كل ما منع منه توفرت دواعي ابن آدم للاقتراب منه. هذا آدم عليه السلام أبيح له الجنة بجملها، ونهي عن شجرة واحدة، فليس في المنقول أنه مد يده إلى شيء من جملة ما أبيح له، وكأنه عيل صبره حتى ذاق ما نهي عنه، هكذا صفة الخلق. وقال: نبه على عاقبة دخول آدم الجنة من ارتكابه ما يوجب خروجه منها قوله تعالى: * (إني جاعل فى الارض خليفة) * فإذا أخبر تعالى بجعله خليفة في الأرض، فكيف يمكن بقاؤه في الجنة؟ كان آدم لا أحد يوفيه في الرتبة يتوالى عليه النداء: يا آدم ويا آدم فأمسى وقد نزع عنه لباسه وسلب استئناسه، والقدرة لا تكابر، وحكم الله لا يعارض، وقال الشاعر:
* لله درهم من فتية بكروا * مثل الملوك وراحوا كالمساكين *