عز وجل، وأنه لا يقرأ عليهم إلا ما أنزل عليه. يقال: اجتبيت الكلام أي ارتجلته واختلقته واخترعته إذا جئت به من عند نفسك. (قل إنما أتبع ما يوحى إلى من ربى) أي من عند الله لا من عند نفسي. (هذا بصائر من ربكم) يعني القرآن، جمع بصيرة، هي الدلالة والعبرة. أي هذا الذي دللتكم به على أن وجل واحد. بصائر، أي يستبصر بها. وقال الزجاج: " بصائر " أي طرق. والبصائر طرق الدين. قال الجعفي:
راحوا بصائرهم على أكتافهم * وبصيرتي يعدو بها عتد وأي (1) " وهدى " رشد وبيان. " ورحمة " أي ونعمة.
قوله تعالى: وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون (204) فيه مسئلتان:
الأولى - قوله تعالى: (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا) قيل: إن هذا نزل في الصلاة، روي عن ابن مسعود وأبي هريرة وجابر والزهري وعبيد الله بن عمير وعطاء بن أبي رباح وسعيد بن المسيب. قال سعيد: كان المشركون يأتون رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى، فيقول بعضهم لبعض بمكة: " لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه (2) ". فأنزل الله جل وعز جوابا لهم " وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا ".
وقيل: إنها نزلت في الخطبة، قاله سعيد بن جبير ومجاهد وعطاء وعمرو بن دينار وزيد بن أسلم والقاسم بن مخيمرة ومسلم بن يسار وشهر بن حوشب وعبد الله بن المبارك. وهذا ضعيف، لأن القرآن فيها قليل، والإنصات يجب في جميعها، قاله ابن العربي. النقاش:
والآية مكية، ولم يكن بمكة خطبة ولا جمعة. وذكر الطبري عن سعيد بن جبير أيضا أن هذا في الإنصات يوم الأضحى ويوم الفطر ويوم الجمعة، وفيما يجهر به الإمام فهو عام. وهو الصحيح