أبي كريب " يا ويلي "، وبقوله عليه السلام إخبارا عن إبليس لعنه الله: " أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار " أخرجه مسلم. ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحافظ عليه. وعول علماؤنا على حديث عمر الثابت - خرجه البخاري - أنه قرأ آية سجدة على المنبر (فنزل (1)) فسجد وسجد الناس معه، ثم قرأها في الجمعة الأخرى فتهيأ الناس للسجود، فقال: " أيها الناس على رسلكم! إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء ". وذلك بمحضر الصحابة (رضي الله عنهم أجمعين (2)) من الأنصار والمهاجرين. فلم ينكر عليه أحد فثبت الإجماع به في ذلك. وأما قول: " أمر ابن آدم بالسجود " فإخبار عن السجود الواجب.
ومواظبة النبي صلى الله عليه وسلم تدل على الاستحباب! والله أعلم.
الرابعة - ولا خلاف في أن سجود القرآن يحتاج إلى ما تحتاج إليه الصلاة من طهارة حدث ونجس ونية واستقبال قبلة ووقت. إلا ما ذكر البخاري عن ابن عمر أنه كان يسجد على غير طهارة. وذكره ابن المنذر عن الشعبي. وعلى قول الجمهور هل يحتاج إلى تحريم ورفع يدين عنده وتكبير وتسليم؟ اختلفوا في ذلك، فذهب الشافعي وأحمد وإسحاق إلى أنه يكبر ويرفع للتكبير لها. وقد روي في الأثر عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد كبر، وكذلك إذا رفع كبر. ومشهور مذهب مالك أنه يكبر لها في الخفض والرفع في الصلاة.
واختلف عنه في التكبير لها في غير الصلاة، وبالتكبير لذلك قال عامة الفقهاء، ولا سلام لها عند الجمهور. وذهب جماعة من السلف وإسحاق إلى أنه يسلم منها. وعلى هذا المذهب يتحقق أن التكبير في أولها للإحرام. وعلى قول من لا يسلم يكون للسجود فحسب.
والأول أولى، لقوله عليه السلام: " مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم " وهذه عبادة لها تكبير، فكان لها تحليل كصلاة الجنازة بل أولى، لأنها فعل وصلاة الجنازة قول. وهذا اختيار ابن العربي.
الخامسة - وأما وقته فقيل: يسجد في سائر الأوقات مطلقا، لأنها صلاة لسبب.
وهو قول الشافعي وجماعة. وقيل: ما لم يسفر الصبح، أو ما لم تصفر الشمس بعد العصر (3).