بأنه سيبعث إليهم الرسل، فشهد بعضهم على بعض. قال أبي بن كعب: وأشهد عليهم السماوات السبع، فليس من أحد يولد إلى يوم القيامة إلا وقد أخذ عليه العهد.
واختلف في الموضع الذي أخذ فيه الميثاق حين أخرجوا على أربعة أقوال، فقال ابن عباس:
ببطن نعمان، واد إلى جنب عرفة. و (روي (1)) عنه أن ذلك برهبا - أرض بالهند - الذي هبط فيه آدم عليه السلام. وقال يحيى بن سلام قال ابن عباس في هذه الآية: أهبط الله آدم بالهند، ثم مسح على ظهره فأخرج منه كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة، ثم قال: " ألست بربكم قالوا بلى شهدنا " قال يحيى قال الحسن: ثم أعادهم في صلب آدم عليه السلام. وقال الكلبي:
بين مكة والطائف. وقال السدي: في السماء الدنيا حين أهبط من الجنة إليها مسح على ظهره فأخرج من صفحة ظهره اليمنى ذرية بيضاء مثل اللؤلؤ، فقال لهم ادخلوا الجنة برحمتي. وأخرج من صفحة ظهره اليسرى ذرية سوداء وقال لهم ادخلوا النار ولا أبالي. قال ابن جريج:
خرجت كل نفس مخلوقة للجنة بيضاء، وكل نفس مخلوقة للنار سوداء.
الثانية - قال ابن العربي (رحمه الله (2)): " فإن قيل فكيف يجوز أن يعذب الخلق وهم لم يذنبوا، أو يعاقبهم على ما أراده منهم وكتبه عليهم وساقهم إليه، قلنا: ومن أين يمتنع ذلك، أعقلا أم شرعا؟ فإن قيل: لأن الرحيم الحكيم منا لا يجوز أن يفعل ذلك.
قلنا: لأن فوقه آمرا يأمره وناهيا ينهاه، وربنا تعالى لا يسأل عما يفعل وهم يسئلون ولا يجوز أن يقاس الخلق بالخالق، ولا تحمل أفعال العباد على أفعال الإله، وبالحقيقة الأفعال كلها لله جل جلاله، والخلق بأجمعهم له، صرفهم كيف شاء، وحكم بينهم (3) بما أراد، وهذا الذي يجده الآدمي إنما تبعث عليه رقة الجبلة وشفقة الجنسية وحب الثناء والمدح، لما يتوقع فذلك من الانتفاع، والباري تعالى متقدس عن ذلك كله، فلا يجوز أن يعتبر به ".
واختلف في هذه الآية، هل هي خاصة أو عامة. فقيل: الآية خاصة، لأنه تعالى قال: " من بني آدم من ظهورهم " فخرج من هذا (الحديث (4)) من كان من ولد آدم لصلبه. وقال جل وعز: (أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل) فخرج منها كل من لم يكن له آباء مشركون.