تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ١٨٥
في الوجه. وقيل: ما علمه عز وجل وهدى به. وقيل: " لباس التقوى " لبس الصوف والخشن من الثياب، مما يتواضع به لله تعالى ويتعبد له خير من غيره. وقال زيد بن علي:
" لباس التقوى " الدرع والمغفر، والساعدان، والساقان، يتقى بهما في الحرب. وقال عروة بن الزبير: هو الخشية لله. وقيل: هو استشعار تقوى الله تعالى فيما أمر به ونهى عنه.
قلت: وهو الصحيح، وإليه يرجع قول ابن عباس وعروة. وقول زيد بن علي حسن، فإنه خض على الجهاد. وقال ابن زيد: هو ستر العورة. وهذا فيه تكرار، إذ قال أولا:
" قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم ". ومن قال: إنه لبس الخشن من الثياب فإنه أقرب إلى التواضع وترك الرعونات فدعوى، فقد كان الفضلاء من العلماء يلبسون الرفيع من الثياب مع حصول التقوى، على ما يأتي مبينا إن شاء الله تعالى. وقرأ أهل المدينة والكسائي " لباس " بالنصب عطفا على " لباسا " الأول. وقيل: انتصب بفعل مضمر، أي وأنزلنا لباس التقوى. والباقون بالرفع على الابتداء. و " ذلك " نعته و " خير " خبر الابتداء.
والمعنى: ولباس التقوى المشار إليه، الذي علمتموه، خير لكم من لباس الثياب التي تواري سوآتكم، ومن الرياش الذي أنزلنا إليكم، فألبسوه. وقيل: ارتفع بإضمار هو، أي وهو لباس التقوى، أي هو ستر العورة. وعليه يخرج قول ابن زيد. وقيل: المعنى ولباس التقوى هو خير، " فذلك " بمعنى هو. والإعراب الأول أحسن ما قيل فيه. وقرأ الأعمش " ولباس التقوى خير " ولم يقرأ " ذلك ". وهو خلاف المصحف. (ذلك من آيات الله) أي مما يدل على أن له خالقا. و " ذلك " رفع على الصفة، أو على البدل، أو عطف بيان.
قوله تعالى: يا بني ادم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوأتهما إنه يريكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشيطان أولياء الذين لا يؤمنون (27)
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»