تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ١٧٩
أبو عمرو بن العلاء كسر اللام وقال: لم يكن قبل آدم صلى الله عليه وسلم. ملك فيصيرا ملكين. قال النحاس: ويجوز على هذه القراءة إسكان اللام، ولا يجوز على القراءة الأولى لخفة الفتحة. قال ابن عباس: أتاهما الملعون من جهة الملك، ولهذا قال: " هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى (1) ". وزعم أبو عبيد أن احتجاج يحيى بن أبي كثير بقوله:
" وملك لا يبلى " حجة بينة، ولكن الناس على تركها فلهذا تركناها. قال النحاس:
" إلا أن تكون ملكين " قراءة شاذة. وقد أنكر على أبى عبيد هذا الكلام، وجعل من الخطأ الفاحش. وهل يجوز أن يتوهم آدم عليه السلام أنه يصل إلى أكثر من ملك الجنة، وهو غاية الطالبين. وإنما معنى " وملك لا يبلى " المقام في ملك الجنة، والخلود فيه.
قوله تعالى: وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين (21) قوله تعالى: (وقاسمهما) أي حلف لهما. يقال: أقسم إقساما، أي حلف.
قال الشاعر:
وقاسمها بالله جهدا لأنتم * ألذ من السلوى إذا ما نشورها (2) وجاء " فاعلت " من واحد. وهو يرد على من قال: إن المفاعلة لا تكون إلا من اثنين.
وقد تقدم في المائدة. (إني لكما لمن الناصحين) ليس " لكما " داخلا في الصلة.
والتقدير: إني ناصح لكما لمن الناصحين، قاله هشام النحوي. وقد تقدم مثله في البقرة.
ومعنى الكلام: اتبعاني أرشدكما، ذكره قتادة.
قوله تعالى: فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوأتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدو مبين (22) قالا ربنا

(1) راجع ج 11 ص 254.
(2) السلوى: العسل. وشار العسل: اجتناه وأخذه من موضعه.
(١٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 ... » »»