تفسير القرطبي - القرطبي - ج ٧ - الصفحة ١٣٣
السابعة - قوله تعالى: (ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن) نظيره " وذروا ظاهر الإثم وباطنه (1) ". فقوله: " ما ظهر " نهي عن جميع أنواع الفواحش وهي المعاصي. " وما بطن " ما عقد عليه القلب المخالفة. وظهر وبطن حالتان تستوفيان أقسام ما جعلت له من الأشياء. و " ما ظهر " نصب على البدل من " الفواحش ".
" وما بطن " عطف عليه. الثامنة - قوله تعالى: (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق) الألف واللام في " النفس " لتعريف الجنس، كقولهم: أهلك الناس حب الدرهم والدينار. ومثله " إن الإنسان خلق (2) هلوعا " ألا ترى قول سبحانه: " إلا المصلين "؟ وكذلك قوله: " والعصر. إن الإنسان لفي خسر (3) " لأنه قال: " إلا الذين آمنوا " وهذه الآية نهي عن قتل النفس المحرمة، مؤمنة كانت أو معاهدة إلا بالحق الذي يوجب قتلها. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم ماله ونفسه إلا بحقه وحسابهم على الله) وهذا الحق أمور: منها منع الزكاة وترك الصلاة، وقد قاتل الصديق مانعي الزكاة وفي التنزيل " فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم (4) " وهذا بين. وقال صلى الله عليه وسلم: (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة). وقال عليه السلام: (إذا بويع لخليفتين فاقتلوا (5) الآخر منهما). أخرجه مسلم. وروى أبو داود عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به). وسيأتي بيان هذا في " الأعراف (1) ". وفي التنزيل: " إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا (6) " (الآية (7)). وقال: " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا (8) " الآية. وكذلك من شق عصا المسلمين وخالف إمام جماعتهم وفرق كلمتهم وسعى في الأرض فسادا بانتهاب الأهل والمال والبغي على السلطان والامتناع من حكمه يقتل. فهذا معنى قوله: " إلا بالحق ".

(1) راجع ص 74 وص 243. من هذا الجزء.
(2) راجع ج 18 ص 289.
(3) راجع ج 20 ص 178.
(4) راجع ج 8 ص 71.
(5) أي فادفعوا الآخر بالقتل إذا لم يمكن دفعه بدونه.
(6) راجع ج 6 ص 147.
(7) من ك.
(8) راجع ج 16 ص 315.
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»