قلت: فعلى هذا تكون الصدقة بجميع المال ومنه إخراج حق المساكين داخلين، في حكم السرف، والعدل خلاف هذا، فيتصدق ويبقي كما قال عليه السلام: (خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى (1) إلا أن يكون قوي النفس غنيا بالله متوكلا عليه منفردا لا عيال له، فله أن يتصدق بجميع ماله، وكذلك يخرج الحق الواجب عليه من زكاة وما يعن في بعض الأحوال من الحقوق المتعينة في المال. وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: الإسراف ما لم يقدر على رده إلى الصلاح. والسرف ما يقدر على رده إلى الصلاح. وقال النضر بن شميل:
الإسراف التبذير والإفراط، والسرف الغفلة والجهل. قال جرير:
أعطوا هنيدة يحدوها ثمانية * ما في عطائهم من ولا سرف أي إغفال، ويقال: خطأ. ورجل سرف الفؤاد، أي مخطئ الفؤاد غافله. قال طرفة:
إن امرأ سوف الفؤاد يرى * عسلا بماء سحابة شتمي قوله تعالى: ومن الأنعام حمولة وفرشا كلوا مما رزقكم الله ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين (142) قوله تعالى: (ومن الأنعام حمولة وفرشا) عطف (على ما (2) تقدم). أي وأنشأ حمولة وفرشا من الأنعام. وللعلماء في الأنعام ثلاثة أقوال: أحدها - أن الأنعام الإبل خاصة، وسيأتي في " النحل (3) " بيانه. الثاني - أن الأنعام الإبل وحدها، وإذا كان معها بقر وغنم فهي أنعام أيضا. الثالث - وهو أصحها قال أحمد بن يحيى: الأنعام كل ما أحله الله عز وجل من الحيوان. ويدل على صحة هذا قول تعالى: " أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم (4) " وقد تقدم. والحمولة ما أطاق الحمل والعمل، عن ابن مسعود وغيره.
ثم قيل: يختص اللفظ بالإبل. وقيل: كل ما أحتمل عليه الحي من حمار أو بغل أو بعير، عن أبي زيد، سواء كانت عليه الأحمال أو لم تكن.