الحادية والعشرون - روى أبو داود عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى عليه وسلم:
(فيما سقت السماء والأنهار والعيون أو كان بعلا العشر (1)، وفيما سقي بالسواني (2) أو النضح نصف العشر وكذلك إن كان يشرب سيحا فيه العشر). وهو الماء الجاري على وجه الأرض، قال ابن السكيت. ولفظ السيح مذكور في الحديث، خرجه النسائي (3). فإن كان يشرب بالسيح لكن رب الأرض لا يملك ماء وإنما يكتريه له فهو كالسماء، على المشهور من المذهب.
ورأى أبو الحسن اللخمي أنه كالنضح، فلو سقي مرة بماء السماء ومرة بدالية، فقال مالك:
ينظر إلى ما تم به الزرع وحيي وكان أكثر، فيتعلق الحكم عليه. هذه رواية ابن القاسم عنه.
وروى عنه ابن وهب: إذا سقي نصف سنة بالعيون ثم انقطع فسقي بقية السنة بالناضح فإن عليه نصف زكاته عشرا، والنصف الآخر نصف العشر. وقال مرة: زكاته بالذي تمت به حياته. وقال الشافعي: يزكى واحد منهما بحسابه. مثاله أن يشرب شهرين بالنضح وأربعة بالسماء، فيكون فيه ثلثا العشر لماء السماء وسدس العشر للنضح! وهكذا ما زاد ونقصي بحساب. وبهذا كان يفتي بكار بقتيبة. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: ينظر إلى الأغلب فيزكى، ولا يلتفت إلى ما سوى ذلك. وروي عن الشافعي. قال الطحاوي: قد اتفق الجميع على أنه لو سقاه بماء المطر يوما أو يومين أنه لا اعتبار به، ولا يجعل لذلك حصة، فدل على أن الاعتبار بالأغلب، والله أعلم.
قلت: فهذه جملة من أحكام هذه الآية، ولعل غيرنا يأتي بأكثر منها على ما يفتح الله له.
وقد مضى في " البقرة (4) " جملة من معنى هذه الآية، والحمد لله.
الثانية والعشرون - وأما قوله صلى الله عليه وسلم: (ليس في حب ولا تمر صدقة (5) فخرجه النسائي. قال حمزة الكناني: لم يذكر في هذا الحديث (في حب) غير إسماعيل بن أمية، وهو ثقة قرشي من ولد سعيد بن العاص. قال: وهذه السنة لم يروها أحد عن النبي