تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٤٣٠
سورة الفيل بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة الفيل من [آية 1 - 2] * (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل) * قصة أصحاب الفيل مشهورة وواقعتهم كانت قريبة من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي إحدى آيات قدرة الله وأثر من سخطه على من اجترأ عليه بهتك حرمه وإلهام الطيور والوحوش أقرب من إلهام الإنسان لكون نفوسهم ساذجة وتأثير الأحجار بخاصية أودعها الله تعالى فيها ليس بمستنكر، ومن اطلع على عالم القدرة وكشف له حجاب الحكمة عرف لمية أمثال هذه، وقد وقع في زماننا مثلها من استيلاء الفأر على مدنية ابيورد وإفساد زروعهم ورجوعها في البرية إلى شط جيحون وأخذ كل واحدة منها خشبة من الأيكة التي على شط نهرها وركوبها عليها وعبورها بها من النهر وهي لا تقبل التأويل كأحوال القيامة وأمثالها. وأما التطبيق فاعلم أن أبرهة النفس الحبشية لما قصد تخريب كعبة القلب الذي هو بيت الله بالحقيقة والاستيلاء عليها وأراد أن يصرف حجاج القوى الروحانية إلى قلس الطبيعة الجسمانية التي بناها وأراد تعظيمها فخرأ فيها قرشي العاقلة العملية بإلقاء فضلة الغذاء العقلي فيها من صور التأديب المخصوص بالأمور الطبيعية كالعادات الجميلة والآداب المحمودة أوقع فيها شرارا من نار الشوق التي أوقدها عير قريش القوى الروحانية فأحرقها بالرياضة فساق جنوده وعبى جيوشه من جنس القوى النفسانية وصفاتها الظلمانية بالطبع كالغضب والشهوة وأمثال ذلك، وقدم فيل شيطان الوهم الذي لا ينهرم عن جنود العقل ويعارضه في الحرب والشيطان أكثر ما يتشكل يكون بصورة الفيل كما رآه معاذ في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال عليه السلام: ' إن الشيطان ليضع خرطومه على قلب ابن آدم فإذا ذكر الله خنس '.
تفسير سورة الفيل من [آية 3 - 5] جعل الله كيدهم في تضييع. * (وأرسل عليهم) * طيور الأفكار والأذكار بيضاء منورة بنور الروح * (أبابيل) * أي: خرابق جماعات كصور القياسات وكثرة الأذكار * (ترميهم بحجارة من سجيل) * أي: رياضة مما سجل وخص بكل واحد منهم كتب على
(٤٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 435 ... » »»