تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٣٩
* (وجدنا آباءنا) * عللنا من العوالم السابقة على النفوس كلها من أهل الجبروت * (لها عابدين) * باستحضارهم إياها في ذواتهم لا يذهلون عنها * (في ضلال مبين) * في حجاب عن الحق نوري، غير واصلين إلى عين الذات عاكفين في برازخ الصفات لا تهتدون إلى حقيقة الأحدية والغرق في بحر الهوية * (أجئتنا بالحق) * أي: أحدث مجيئك إيانا من هذا الوجه بالحق فيكون القائل هو الحق عز سلطانه أم استمر بنفسك كما كان فتكون أنت القائل فيكون قولك لعبا لا حقيقة له. فإن كنت قائما بالحق، سائرا بسيره، قائلا به، صدقت وقولك الجد وتفوقت علينا، وتخلفنا عنك، وإن كنت بنفسك فبالعكس * (بل ربكم) * الجائي والقائل ربكم الذي يربكم بالإيجاد والتقويم والإحياء والتجريد والإنباء والتعليم رب الكل الذي أوجده * (وأنا على ذلكم) * الحكم بأن القائل هو الحق الموصوف بربوبية الكل * (من الشاهدين) * وهذا الشهود هو شهود الربوبية والإيجاد وإلا لم يقل أنا وعلي إذ الشهود الذاتي هو الفناء المحض الذي لا أنائية فيه ولا إثنينية، وتلك الإثنينية بعد الإفصاح بأن الجائي والقائل هو الحق الذي أوجد الكل مشعرة بمقام الكل المتخلف عن مقام * (لأكيدن أصنامك) * لأمحون صور الأشياء وأعيان الموجودات التي عكفتم على إيجادها وحفظها وتدبيرها، وأقبلتم على إثباتها بعد أن تعرضوا عن عين الأحدية الذاتية بالإقبال إلى الكثرة الصفاتية بنور التوحيد.
تفسير سورة الأنبياء من [آية 58 - 67] * (فجعلهم) * بفأس القهر الذاتي والشهود العيني * (جذاذا) * قطعا متلاشية فانية * (إلا كبيرا لهم) * هو عينه الباقي على اليقين الأول الذي به سمى الخليل خليلا * (لعلهم إليه يرجعون) * يقبلون منه الفيض ويستفيضون منه النور والعلم كما استفاض هو منه أولا.
* (قالوا) * أي: قالت النفوس العاشقة بالعقول * (من فعل هذا) * الاستخفاف والتحقير * (بآلهتنا) * التي هي معشوقاتنا ومعبوداتنا بنسبتها إلى الاحتجاب والنظر إليها بعين الفناء وجعلها بقوة الظهر كالهباء، متعجبين منه، معظمين له، ومستعظمين لأمره * (إنه لمن الظالمين) * الناقصين حقوق المعبودات المجردة وجميع الموجودات من الوجودات والكمالات بنفيها عنهم وإثباتها للحق، أو الناقصين حق نفسهم بإفنائها
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»