تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٣٧
التي تلي الجسد المعذبة بناء الهيئات الجسمانية والعقارب والحيات السود النفسانية والأقذار الهيولانية والآلام الجسدانية * (ولا هم ينصرون) * من الأمدادات الرحمانية لكثافة حجابهم وشدة ارتيابهم لما استعجلوا.
* (أفلا يرون) * أتمادت غفلتهم فلا يرون * (أنا نأتي) * أرض البدن بالشيخوخة * (ننقصها من أطرافها) * كالسمع والبصر وسائر القوى أو أرض النفس المتيقظة المتوجهة إلى الحق، الذاكرة بأنوار الصفات ننقصها من صفاتها وقواها * (أفهم الغالبون) * أم نحن.
* (ولئن مستهم نفحة) * من النفحات الربانية في صورة العذاب أي: من الألطاف الخفية كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: ' سبحان من اشتدت نقمته على أعدائه في سعة رحمته، واتسعت رحمته لأوليائه في شدة نقمته '. فكشف عنهم حجاب الغفلة المتراكمة من طول التمتيع الذي هو النقمة في صورة الرحمة والقهر الخفي ليستيقظن ويتنبهن لظلمهم في إعراضهم عن الحق وانهماكهم في الباطل.
تفسير سورة الأنبياء من [آية 47 - 50] * (ونضع الموازين القسط) * ميزان الله تعالى هو عدله الذي هو ظل وحدته وصفته اللازمة لها، به قامت سماوات الأرواح وأرض الأجساد واستقامت ولولاه لما استقر أمر الوجود على النسق المحدود. ولما شمل الكل أصاب كل موجود قسطه منه بحسب حاله وقدر احتماله فصار بالنسبة إلى كل أحد بل كل شيء ميزانا خاصا وتعددت الموازين على حسب تعدد الأشياء وهي جزئيات الميزان المطلق ولذلك أبدل القسط المطلق منها أو وصفها به، فإنها كلها هي العدل المطلق الواحد ولا تتعدد الحقيقة بتعدد المظاهر. ووضعها عبارة عن ظهور مقتضاها وذلك إنما يكون يوم القيامة الصغرى بالنسبة إلى المحجوب ويوم القيامة الكبرى بالنسبة إلى أهلها * (فلا تظلم نفس شيئا) * لأن كل ما عملت من خير وجد حالة عمله في كفة الحسنات التي هي جهة الروح من القلب وكل ما عملت من سوء وضع في كفة السيئات التي هي جهة النفس منه. والقلب هو لسان الميزان ولهذا قيل: يجعل في كفة الحسنات جواهر بيض مشرقة، وفي كفة السيئات جواهر سود مظلمة، إلا أن الثقل هناك يوجب الصعود والميل إلى العلو، والخفة توجب النزول والميل إلى السفل بخلاف الميزان الجسماني إذ الثقيل ثمة هو الراجح المعتبر الباقي عند الله والخفيف هو المرجوح الفاني الذي لا وزن له عند الله ولا
(٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 ... » »»