تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٣٣٧
تفسير سورة الملك من [آية 3 - 5] * (الذي خلق سبع سماوات طباقا) * نهاية كمال عالم الملك في خلق السماوات لا ترى أحكم خلقا وأحسن نظاما وطباقا منها. وأضاف خلقها إلى الرحمن لأنها من أصول النعم الظاهرة ومبادئ سائر النعم الدنيوية، وسلب التفاوت عنها لبساطتها واستدارتها ومطابقة بعضها بعضا وحسن انتظامها وتناسبها، ونفي الفطور لامتناع خرقها والتئامها وإنما قال: * (ثم ارجع البصر كرتين) * لأن تكرار النظر وتجوال الفكر مما يفيد تحقق الحقائق وإذا كان ذلك فيها عند طلب الخروق والشقوق لا يفسد إلا الخسوء والحسور تحقق الامتناع، وما اتعب من طلب وجود الممتنع.
* (ولقد زينا السماء الدنيا) * من السماوات المعنوية، أي: العقل الإنساني * (بمصابيح) * الحجج والبينات * (وجعلناها رجوما) * لشياطين الوهم والخيال * (وأعتدنا لهم عذاب) * سعير الاحتجاب في قعر الطبيعة والهوي في هاوية العالم الجسماني والبرزخ الغاسق الظلماني أو السماء المحسوسة التي هي أقرب إلينا من السماء العقلية بمصابيح الكواكب، * (وجعلناها) * بحيث ترجم بها النفوس البعيدة عن عالم النور لظلمة جواهرها بملازمة الغواسق الجسمانية المخالفة بجواهرها الخبيثة عن الجواهر المقدسة التي غلبت عليها ظلمة الكون وشدة الرين وتكدرت بمباشرة الشهوات الطبيعية وتلوثت بألواث التعلقات الجسمانية وامتزجت بها فترسخت فيها الهيئات المظلمة وتغيرت عن طباعها فتأثرت بتأثيرات الأجرام العلوية كلما اشتاقت بسنخها إلى عالمها، رجمتها روحانيات الكواكب وطردتها إلى جحيم العالم السفلي وألزمتها مجاورة الهياكل المناسبة لهيئاتها وملازمة البرازخ المشاكلة لطباعها وألقتها في عذاب تضاد الطبائع وسعير استيلاء طبائع تلك الغواسق.
تفسير سورة الملك من [آية 6 - 14] * (وللذين) * حجبوا عن ربهم عامة سواء الشياطين الذين هم في غاية البعد والمنافاة وقوة الشر وغيرهم من الضعفاء المحجوبين الذين ليسوا في غاية الشرارة * (عذاب
(٣٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 332 333 334 335 336 337 338 339 340 341 342 ... » »»