تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٣٤٤
سورة الحاقة بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة الحاقة من [آية 1 - 8] * (الحاقة) * هي الساعة الواجبة الوقوع التي لا ريب فيها إن أريد بها القيامة الصغرى أو التي تحق فيها الأمور، أي: تعرف، وتحقق إن أريد بها الكبرى. والمعنى:
أن الساعة ما هي وما أعلمك أي شيء هي، أي: لا يعرف شدتها وهولها وما يظهر فيها من الأحوال على المعنى الأول، أو لا يعرف حقيقتها وارتفاع شأنها وإنارة برهانها وما يبدو فيها أحد إلا الله. وكلتا القيامتين تقرع الناس وتهلكهم وتفنيهم وتستأصلهم بالشدة والقهر، وأما تكذيبهم بالأولى فلإقبالهم من الدنيا وترك العمل لها وغفلتهم وغرورهم بالحياة الحسية. وأما بالثانية فلعدم وقوفهم عليها وإنكارهم لها واحتجابهم عنها، وقد يطابق مثل المكذبين بمثل المفرطين أي: المقصرين والغالين بأن يقال: * (فأما ثمود) * وهم أهل الماء القليل أي: أهل العلم الظاهر المحجوبون عن العلوم الحقيقية * (فأهلكوا بالطاغية) * أي: الحالة الكاشفة عن الباطن وعالم التجرد التي تطغى على علومهم فتفنيها وهي خراب البدن.
* (وأما عاد) * الغالون المجاوزون حد الشرائع بالتزندق والإباحة في التوحيد * (فأهلكوا بريح) * هوى النفس الباردة بجمود الطبيعة وعدم حرارة الشوق والعشق العاتية أي: الشديدة الغالبة عليهم الذاهبة بهم في أودية الهلاك.
* (سخرها) * الله * (عليهم) * في مراتب الغيوب السبعة التي هي لياليهم لاحتجابهم عنها. والصفات الثمانية الظاهرة لهم كالأيام وهي الوجود والحياة والعلم والقدرة والإرادة والسمع والبصر والتكلم، أي: على ما ظهر منهم وما بطن تقطعهم وتستأصلهم * (فترى القوم فيها صرعى) * موتى لا حياة حقيقية لهم لأنهم قائمون بالنفس لا بالله كما قال: * (كأنهم خشب مسندة) * [المنافقون، الآية: 4]، * (كأنهم أعجاز نخل) * أي: أقوياء بحسب الصورة لا معنى فيهم ولا حياة، ساقطون عن درجة الاعتبار والوجود الحقيقي
(٣٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 339 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 ... » »»