تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ٢٥٥
إلى آية 17] * (ويعذب المنافقين والمنافقات) * المبطلين لاستعداداتهم، المكدرين لصفائها بأفعالهم وملكاتهم * (والمشركين والمشركات) * المردودين المطرودين عن جناب الحق من الأشقياء الذين لا يمكنهم موافقة المؤمنين ظاهرا لما بينهم من التضاد الحقيقي والتباغض الذاتي الأصلي بحسب الفطرة * (الظانين بالله ظن السوء) * لمكان الشك والارتياب وظلمة نفوسهم بالاحتجاب * (عليهم دائرة السوء) * بالتعذيب في الدنيا بأنواع الوقائع كالقتل والإماتة والإذلال * (وغضب الله عليهم) * بالقهر والحجب * (ولعنهم) * بالطرد والإبعاد في الآخرة * (وأعد لهم) * أنواع العذاب * (ولله جنود السماوات) * كررها ليفيد تغليب الجنود الأرضية على السماوية في المنافقين والمشركين بعكس ما فعل بالمؤمنين، وبدل عليما بقوله: عزيز، ليفيد معنى القهر والقمع لأن العلم من باب اللطف والعزة من باب القهر.
* (إن الذين يبايعونك) * هذه المبايعة هي نتيجة العهد السابق المأخوذ ميثاقه على العباد في بدء الفطرة وإنما كانت مبايعته مبايعة الله لأن النبي قد يفنى عن وجوده ويحقق الله في ذاته وصفاته وأفعاله فكل ما صدر عنه ونسب إليه فقد صدر عن الله ونسب إليه، فمبايعته مبايعة الله تعالى، وإنما قلنا إنها نتيجة ميثاق الفطرة إذ لو لم تكن جنسية ومناسبة أصلية بينهم وبينه لما وجدت هذه البيعة لانتفاء الإلفة والمحبة المقتضية لها بانتفاء الجنسية، فهي دليل سلامة فطرتهم وبقائها على صفائها الأصلي * (يد الله) * الظاهرة في مظهر رسوله الذي هو اسمه الأعظم * (فوق أيديهم) * أي: قدرته البارزة في يد الرسول فوق قدرتهم البارزة في صور أيديهم فيضرهم عند النكث وينفعهم عند الوفاء * (فمن نكث) * العهد بتكدير صفاء فطرته والاحتجاب بهيئات نشأته وتغليب ظلمة صفات نفسه على نور قلبه الموجب لمخالفة العهد * (فإنما ينكث على نفسه) * أي: يعود ضرر نكثه عليه دون غيره لسقوطه عن الفطرة الأصلية واحتجابه في الظلمات البدنية وحرمانه عن اللذات الروحانية وتعذبه بالآلام النفسانية، وهذا هو النفاق الحقيقي * (ومن أوفى) * بالمحافظة على نور فطرته * (فسيؤتيه أجرا عظيما) * بأنوار تجليات الصفات ولذات المشاهدات ولهذا سميت هذه البيعة بيعة الرضوان، إذ الرضا هو فناء الإرادة في إرادته
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»