تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ٢ - الصفحة ١٣٠
سورة الروم بسم الله الرحمن الرحيم تفسير سورة الروم من [آية 1 - 7] * (ألم غلبت الروم) * الذات الأحدية مع صفتي العلم والمبدئية كما ذكر، اقتضت أن روم القوى الروحانية تكون مغلوبة في أقرب موضع من أرض النفس الذي هو الصدر، لأن فيض المبدأ يوجب إظهار الخلق واحتجاب الحق به، فكل ما كان أقرب إلى الحق كان مغلوبا بالذي هو أقرب إلى الخلق وذلك حكم الاسم المبدئ في مظهر النشأة وتجليه تعالى به وباسمه الظاهر واسمه الخالق، وفي الجملة: بما في حضرته المبدئية من الأسماء * (وهم من بعد) * كونهم مغلوبين * (سيغلبون) * على فارس القوى النفسانية الأعجمية المحجوبة بالرجوع إلى الله، وظهور الغلب.
* (في بضع سنين) * من الأطوار التي يكون فيها الترقي إلى الكمال وأوقات الحضور والمقامات والتجليات.
* (لله الأمر من قبل) * بحكم اسمه المبدئ * (ومن بعد) * بحكم اسمه المعيد، يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه * (ويومئذ) * أي: يوم غلبة روم الروحانيات على النفسانيات * (يفرح المؤمنون بنصر الله) * وتأييده من الملكوت السماوية وإمدادهم بالأمداد القدسية * (ينصر من يشاء) * من أهل عنايته المستعدين بها * (وهو العزيز) * القوي الغالب على قهر الفارسيين المحجوبين * (الرحيم) * بإفاضة الأمداد الكمالية والأنوار التأييدية القدسية على الروميين الغالبين.
* (وعد الله) * في تكميل المستعدين من أهل عنايته * (لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون) * لاحتجابهم يحسبون أن هذه الغلبة بقوتهم وكسبهم، وأنه قد يمكن أنه لا يبلغ المعنى به السعي إلى الكمال لعدم السعي ولا يعرفون أن ذلك المستعد أيضا من توفيقه وعلامة عنايته تعالى به، وعدم السعي من خذلانه وآية كونه غير معني به، فإن أعمالنا معرفات لا موجبات.
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»