تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ٢٩٣
وترجح أحد الجانبين على الآخر لا يكون إلا بالصحبة ومجالسة أصحاب كل واحد من الصنفين ومخالطة الأخيار والأشرار، فإن أدركه التوفيق ساقه القدر إلى صحبة الصالحين ومتابعة أخلاقهم وأعمالهم فيصير منهم، وإن لحقه الخذلان ساقه إلى صحبة المفسدين واختلاطه بهم فيصير من الخاسرين أعاذنا الله من ذلك.
* (إن الله غفور) * يغفر لهم السيئات المظلمة ويسترها عنهم * (رحيم) * يرحمهم بالتوفيق للصالحات وقبول التوبة.
[تفسير سورة التوبة من آية 103 إلى آية 106 ولما وفقوا للقسم الأول ببركة صحبة الرسول وتزكيته إياهم وتربيته لهم قال:
* (خذ من أموالهم صدقة) * إذ المال هو سبب ظهور النفس وغلبة صفاتها ومدد قواها ومادة هواها كما قال عليه صلى الله عليه وسلم: ' المال مادة الشهوات ' فينبغي أن يكون أول حالهم التجرد عن الأموال لتنكسر قوى النفس وتضعف أهواؤها وصفاتها، فتتزكى من الهيئات المظلمة التي فيها وتتطهر من خبث الذنوب ورجس دواعي الشيطان وذلك معنى قوله: * (تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم) * بإمداد الهمة وإفاضة نور الصحبة عليهم * (إن صلاتك سكن لهم) * أي: إن نورك الذي تفيض عليهم بالتفات خاطرك إليهم وقوة همتك وبركة صحبتك سبب نزول السكينة فيهم تسكن قلوبهم إليه وتطمئن. والسكينة نور مستقر في القلب يثبت معه في التوجه إلى الحق ويتقوى اليقين ويتخلص عن الطيش بلمات الشيطان ووساوسه وأحاديث النفس وهواجسها لعدم قبوله لها حينئذ * (والله سميع) * يسمع تضرعهم واعترافهم بذنوبهم * (عليم) * يعلم نياتهم وعزائمهم وما في ضمائرهم من الندم والغم.
[تفسير سورة التوبة من آية 107 إلى آية 110
(٢٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 ... » »»