المحمدي، والقول: بكون عيسى مظهر الصفات الإلهية، حيا بحياته داعيا إلى مقام توحيد الأوصاف و * (كلمته) * نفسا مجردة هي كلمة من كلمات الله، أي: حقيقة من حقائقه الروحانية وروحا من أرواح * (فآمنوا بالله ورسله) * بالجمع والتفصيل * (ولا تقولوا ثلاثة) * بزيادة الحياة والعلم على الذات، فيكون الإله ثلاثة أشياء ويكون عيسى جزء من حياته بالنفخ أو بالتفرقة بين ذات الحق وعالم النور وعالم الظلمة، فيكون عيسى متولدا من نوره. بل قولوا بالكل من حيث هو كل فيكون العلم والحياة عين الذات وكذا عالم النور والظلمة. ويكون عيسى فانيا فيه موجودا بوجوده، حيا بحياته، عالما بعلمه، وذلك وحدته الذاتية المعبر عنها بقوله * (إنما الله إله واحد سبحانه) * نزهه عن أن يكون موجود غيره، فيتولد منه وينفصل ويجانسه بأنه موجود مثله، بل هو الموجود من حيث هو وجود.
* (له ما في السماوات) * الأرواح * (والأرض) * الأجساد بكونها أسماءه وظاهره وباطنه * (وكيلا) * يقوم مقام الخلق في أفعالهم وصفاتهم وذواتهم عند فنائهم في التوحيد، كما قال أمير المؤمنين علي عليه السلام: ' لا إله إلا الله بعد فناء الخلق '.
* (لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله) * في مقام التفصيل، إذ باعتبار الجمع لا وجود للمسيح ولا لغيره فلا ممكن أصلا. وأما باعتبار التفصيل فكل ما ظهر بتعين فهو ممكن، والممكن لا وجود له بنفسه فضلا عن شيء غيره فيكون عبدا محتاجا ذليلا مفتقرا غير مستنكف عن ذلة العبودية وإن كان غنيا عن تعلق الأجسام بالتجرد المحض والتقدس عن دنس الطبائع كالملائكة المقربين الذين هم الأرواح المجردة والأنوار المحضة * (ومن يستنكف عن عبادته) * بظهور أنيته * (ويستكبر) * بطغيانه في الظهور بصفاته * (فسيحشرهم إليه جميعا) * بظهور نور وجهه وتجليه بصفة قاهريته حتى يفنوا بالكلية في عين الجمع، كما قال تعالى: * (لمن الملك اليوم لله الواحد القهار) * [غافر، الآية: 9]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ' إن لله تعالى سبعين ألف حجاب من نور وظلمة، لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه '.
* (فأما الذين آمنوا) * بالفناء في عين الجمع بمحو الصفات وطمس الذات * (وعملوا الصالحات) * بالاستقامة في الأعمال ومراعاة تفاصيل الصفات وتجلياتها * (فيوفيهم أجورهم) * وصفاتهم من جنات صفاته * (ويزيدهم من فضله) * بالوجود الموهوب بعد الفناء في الذات * (وأما الذين استنكفوا) * بظهور أنيتهم * (واستكبروا) * طغوا عند تجليات الصفات وتنورهم بنورها، فظهروا بها ونسبوها إلى أنفسهم كمن قال: أنا ربكم الأعلى.