تفسير ابن عربي - ابن العربي - ج ١ - الصفحة ١٩٢
ربما كان مجرد تعليل وقد علق في القدر كماله بسعيه، فإنه لم يطلع على ذلك * (ذلكم فسق) * خروج عن الدين الذي هو طريق الحق * (اليوم) * أي: وقت حصول الكمال بتمرن النفس بالفضائل، وتثبتها في العزائم * (يئس الذين كفروا) * أي: حجبوا من قوى نفوسكم أو من أبناء جنسكم وأهل جلدتكم من الطبيعيين والمتزندقين * (من دينكم) * أي: من أن يصدوكم عن طريق الحق * (فلا تخشوهم) * فإنهم يستولون عليكم بعد ذلك * (واخشوني) * بأن لا تقفوا عند تجلي صفة من صفاتي وتهيبوا عظمة ذاتي حتى تصلوا إلى مقام الفناء.
* (اليوم أكملت لكم دينكم) * ببيان الشعائر وكيفية السلوك * (وأتممت عليكم نعمتي) * بالهداية إلي * (ورضيت لكم) * الاستسلام والانقياد بالانمحاء عند تجليات الأفعال والصفات أو إسلام الوجه للفناء عند تجلي الذات * (دينا فمن اضطر) * إلى أمر من هذه الأمور المحرمة التي عددناها * (في مخمصة) * في هيجان شديد من النفس وغلبة لظهور صفة من صفاتها * (غير متجانف لإثم) * غير منحرف عن الدين والوجهة إلى رذيلة مانعة لقصد منه وعزيمة * (فإن الله غفور) * يستر ذلك عنه بنور صفة من صفاته تقابلها * (رحيم) * يرحم بمداد التوفيق لإظهار الكمال ورفع موانعه.
[تفسير سورة المائدة من آية 4 إلى آية 5] * (قل أحل لكم الطيبات) * من الحقائق والمعارف الحقية والفضائل العلمية التي تحصل لكم بعقولكم وقلوبكم وأرواحكم * (وما علمتم) * من جوارح حواسكم الظاهرة والباطنة وسائر قواكم وآلاتكم البدنية في اكتساب الفضائل والآداب، محرضين * (تعلمونهن مما علمكم الله) * من علوم الأخلاق والشرائع التي تبين طريق الاحتظاء من الحظوظ على وجه العدالة * (فكلوا مما أمسكن عليكم) * مما حصلن لكم بتعليمكم على ما ينبغي بنية وإرادة قلبية وغرض صحيح يؤدي إلى كمال الشخص أو النوع لا يهجن ويثبن وينزن عليه بميلهن وحرصهن لطلب لذتهن وشهوتهن * (واذكروا اسم الله عليه) * واحضروا بقلوبكم أنها للصورة الإنسانية الكاملة تقصد وتراد، لا لغرض آخر.
واجعلوا الله وقاية لكم في فعلها حتى تكون حسنة * (إن الله سريع الحساب) * يحاسبكم بها في آن لا في أزمنة، كحصول هيآتها في أنفسكم عند ارتكابها.
(١٩٢)
مفاتيح البحث: سورة المائدة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»