تفسير الرازي - الرازي - ج ١ - الصفحة ١٦٤
موجودة في سائر الأسماء، وكما حصلت هذه الخاصية بحسب اللفظ فقد حصلت أيضا بحسب المعنى، فإنك إذا دعوت الله بالرحمن فقد وصفته بالرحمة، وما وصفته بالقهر، وإذا دعوته بالعليم فقد وصفته بالعلم، وما وصفته بالقدرة، وأما إذا قلت يا الله فقد وصفته بجميع الصفات؛ لأن الإله لا يكون إلها إلا إذا كان موصوفا بجميع هذه الصفات، فثبت أن قولنا الله قد حصلت له هذه الخاصية التي لم تحصل لسائر الأسماء.
الخاصية الثانية: أن كلمة الشهادة وهي الكلمة التي بسببها ينتقل الكافر من الكفر إلى الإسلام لم يحصل فيها إلا هذا الاسم، فلو أن الكافر قال: أشهد أن لا إله إلا الرحمن أو إلا الرحيم، أو إلا الملك، أو إلا القدوس لم يخرج من الكفر ولم يدخل في الإسلام، أما إذا قال أشهد أن لا إله إلا الله فإنه يخرج من الكفر ويدخل في الإسلام، وذلك يدل على اختصاص هذا الاسم بهذه الخاصية الشريفة، والله الهادي إلى الصواب. الباب العاشر في البحث المتعلق بقولنا الرحمن الرحيم الرحمن الرحيم:
اعلم أن الأشياء على أربعة أقسام: الذي يكون نافعا وضروريا معا، والذي يكون نافعا ولا يكون ضروريا، والذي يكون ضروريا ولا يكون نافعا، والذي لا يكون نافعا ولا يكون ضروريا.
أما القسم الأول - وهو الذي يكون نافعا وضروريا معا - فأما أن يكون كذلك في الدنيا فقط، وهو مثل النفس - فإنه لو انقطع منك لحظة واحدة حصل الموت، وإما أن يكون كذلك في الآخرة، وهو معرفة الله تعالى، فإنها إن زالت عن القلب لحظة واحدة مات القلب، واستوجب عذاب الأبد.
وأما القسم الثاني - وهو الذي يكون نافعا ولا يكون ضروريا - فهو كالمال في الدنيا وكسائر العلوم والمعارف في الآخرة.
وأما القسم الثالث - وهو الذي يكون ضروريا ولا يكون نافعا - فكالمضار التي لا بد منها في الدنيا: كالأمراض، والموت، والفقر، والهرم، ولا نظير لهذا القسم في الآخرة، فإن منافع الآخرة لا يلزمها شيء من المضار.
(١٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 ... » »»