لتلك الذات، فيقال لهم: قد دللنا على أنا لا نعقل ذات الله تعالى تعقلا ذاتيا، وإنما نتعقل تلك الذات تعقلا عرضيا، وعند هذا يسقط هذا الدليل، فهذا تمام الكلام في هذا الباب. اسمه تعالى الحي:
المسألة الرابعة: لفظ الحي وارد في القرآن، قال الله تعالى: * (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) * (البقرة: 25) وقال: * (وعنت الوجوه للحي القيوم) * (طه: 111) وقال: * (هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين) * (غافر: 65) فإن قيل: الحي معناه الدراك الفعال أو الذي لا يمتنع أن يعلم ويقدر، وهذا القدر ليس فيه مدح عظيم، فما السبب في أن ذكره الله تعالى في معرض المدح العظيم؟ فالجواب إن التمدح لم يحصل بمجرد كونه حيا، بل بمجموع كونه حيا قيوما. وذلك لأن القيوم هو القائم بإصلاح حال كل ما سواه، وذلك لا يتم إلا بالعلم التام والقدرة التامة، والحي هو الدراك الفعال، فقوله: " الحي " يعني كونه دراكا فعالا، وقوله: " القيوم " يعني كونه دراكا لجميع الممكنات فعالا لجميع المحدثات والممكنات، فحصل المدح من هذا الوجه. الباب الخامس في الأسماء الدالة على الصفات الإضافية الاسم الدال على الصفات الإضافية:
اعلم أن الكلام في هذا الباب يجب أن يكون مسبوقا بمقدمة عقلية، وهي أن التكوين هل هو نفس المكون أم لا؟ قالت المعتزلة والأشعرية: التكوين نفس المكون، وقال آخرون إنه غيره، واحتج النفاة بوجوده: - الحجة الأولى: أن الصفة المسماة بالتكوين إما أن تؤثر على سبيل الصحة أو على سبيل الوجوب، فإن كان الأول فتلك الصفة هي القدرة لا غير، وإن كان الثاني لزم كونه تعالى موجبا بالذات لا فاعلا بالاختيار.
الحجة الثانية: أن تلك الصفة المسماة بالتكوين إن كانت قديمة لزم من قدمها قدم الآثار وإن كانت محدثة افتقر تكوينها، إلى تكوين آخر ولزم التسلسل.
الحجة الثالثة: أن الصفة المسماة بالقدرة إما أن يكون لها صلاحية التأثير عند حصول سائر الشرائط من العلم والإرادة أوليس لها هذه الصلاحية، فإن كان الأول فحينئذ تكون القدرة كافية في خروج الأثر من العدم إلى الوجود، وعلى هذا التقدير فلا حجة إلى إثبات صفة أخرى، وإن كان الثاني فحينئذ القدرة لا تكون لها صلاحية التأثير، فوجب أن لا تكون القدرة قدرة، وذلك يوجب التناقض.