تفسير الرازي - الرازي - ج ١ - الصفحة ١٣٣
الفرق بين العلم وبين القدرة وإلا لما كان كذلك، الرابع: أن كونه تعالى قادرا يؤثر في وجود المقدور، وكونه عالما لا يؤثر، ولولا المغايرة وإلا لما كان كذلك، الخامس: أن قولنا: موجود، يناقضه قولنا: ليس بموجود، ولا يناقضه قولنا: ليس بعالم، ولك يدل على أن المنفي بقولنا: ليس بموجود مغاير للمنفي بقولنا: ليس بعالم، وكذا القول في كونه قادرا.
فهذه دلائل واضحة على أنه لا بد من الإقرار بوجود الصفات لله تعالى، إلا أنه بقي أن يقال: لم لا يجوز أن تكون هذه الصفات صفات نسبية وإضافية فالمعنى من " كونه قادرا " كونه بحيث يصح منه الإيجاد، وتلك الصحة معللة بذاته، و " كونه عالما " معناه الشعور والإدراك، وذلك حالة نسبية إضافية، وتلك النسبية الحاصلة معللة بذاته المخصوصة، وهذا تمام الكلام في هذا الباب.
المسألة الثالثة: أنا إذا قلنا بإثبات الصفات الحقيقية فنقول: الصفة الحقيقية إما أن تكون صفة يلزمها حصول النسبة والإضافة، وهي مثل العلم والقدرة، فإن العلم صفة يلزمها كونها متعلقة بالمعلوم، والقدرة صفة يلزمها صحة تعلقها بإيجاد المقدور، فهذه الصفات وإن كانت حقيقية إلا أنه يلزمها لوازم من باب النسب والإضافات.
أما الصفة الحقيقية العارية عن النسبة والإضافة في حق الله تعالى فليست إلا صفة الحياة فلنبحث عن هذه الصفة فنقول: قالت الفلاسفة: الحي هو الدراك الفعال، إلا أن الدراكية صفة نسبية والفعالية أيضا كذلك، وحينئذ لا تكون الحياة صفة مغايرة للعلم والقدرة على هذا القول، وقال المتكلمون إنها صفة باعتبارها يصح أن يكون عالما قادرا، واحتجوا عليه بأن الذوات متساوية في الذاتية ومختلفة في هذه الصحة، فلا بد وأن تكون تلك الذوات مختلف في قبول صفة الحياة، فوجب أن تكون صحيحة لأجل صفة زائدة، فيقال لهم: قد دللنا على أن ذات الله تعالى مخالفة لسائر الذوات لذاته المخصوصة، فسقط هذا الدليل، وأيضا الذوات مختلفة في قبول صفة الحياة، فوجب أن يكون صحة قبول الحياة لصفة أخرى، ولزم التسلسل، ولا جواب عنه إلا أن يقال: إن تلك الصحة من لوازم الذات المخصوصة فاذكروا هذا الكلام في صحة العالمية، وقال قوم ثالث: معنى كونه حيا أنه لا يمتنع أن يقدر ويعلم، فهذا عبارة عن نفي الامتناع، ولكن الامتناع عدم، فنفيه يكون عدما للعدم، فيكون ثبوتا، فيقال لهم: هذا مسلم، لكن لم لا يجوز أن يكون هذا الثبوت هو تلك الذات المخصوصة؟ فإن قالوا: الدليل عليه أن نعقل تلك الذات مع الشك في كونها حية، فوجب أن يكون كونها حية مغايرا
(١٣٣)
مفاتيح البحث: الجواز (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»