تفسير الرازي - الرازي - ج ١ - الصفحة ١٠٦
على الألف المحذوفة التي بعدها، ألا ترى أنهم لما كتبوا * (إقرأ باسم ربك) * (العلق: 1) بالألف ردوا الباء إلى صفتها الأصلية، الثاني: قال القتيبي، إنما طولوا الباء لأنهم أرادوا أن لا يستفتحوا كتاب الله إلا بحرف معظم، وكان عمر بن عبد العزيز يقول لكتابه طولوا الباء، وأظهروا السين. ودوروا الميم تعظيما لكتاب الله.
المسألة الثانية: قال أهل الإشارة والباء حرف منخفض في الصورة فلما اتصال بكتبة لفظ الله ارتفعت واستعلت، فنرجو أن القلب لما اتصل بخدمة الله عز وجل أن يرتفع حاله ويعلو شأنه.
المسألة الثالثة: حذفوا ألف " اسم " من قوله: " بسم الله " وأثبتوه في قوله: (إقرأ باسم ربك) والفرق من وجهين: الأول: أن كلمة " باسم الله " مذكورة في أكثر الأوقات عند أكثر الأفعال، فلأجل التخفيف حذفوا الألف، بخلاف سائر المواضع فإن ذكرها قليل. الثاني: قال الخليل: إنما حذفت الألف في قوله: " بسم الله " لأنها إنما دخلت بسبب أن الابتداء بالسين الساكنة غير ممكن، فلما دخلت الباء على الاسم نابت عن الألف فسقطت في الخط، وإنما لم تسقط في قوله: * (إقرأ باسم ربك) * لأن الباء لا تنوب عن الألف في هذا الموضع كما في (بسم الله) لأنه يمكن حذف الباء من * (إقرأ باسم ربك) * مع بقاء المعنى صحيحا، فإنك لو قلت إقرأ اسم ربك صح المعنى، أما لو حذفت الباء من " بسم الله " لم يصح المعنى فظهر الفرق.
المسألة الرابعة: كتبوا لفظة الله بلامين، وكتبوا لفظة الذي بلام واحدة، مع استوائهما في اللفظ وفي كثرة الدوران على الألسنة، وفي لزوم التعريف، والفرق من وجوه: الأول: أن قولنا: " الله " اسم معرب متصرف تصرف الأسماء، فأبقوا كتابته على الأصل، أما قولنا " الذي " فهو مبني لأجل أنه ناقص؛ لأنه لا يفيد إلا مع صلته فهو كبعض الكلمة، ومعلوم أن بعض الكلمة يكون مبنيا، فأدخلوا فيه النقصان لهذا السبب، ألا ترى أنهم كتبوا قولهم: " اللذان " بلامين، لأن التثنية أخرجته عن مشابهة الحروف، فإن الحرف لا يثنى.
الثاني: أن قولنا: " الله " لو كتب بلام واحدة لالتبس بقوله إله، وهذا الالتباس غير حاصل في قولنا الذي.
الثالث: أن تفخيم ذكر الله في اللفظ واجب، فكذا في الخط، والحذف ينافي التفخيم وأما قولنا: " الذي " فلا تفخيم له في المعنى فتركوا أيضا تفخيمه في الخط.
(١٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 ... » »»